حضت موسكو الحكومة القرغيزية على اتخاذ تدابير عاجلة «لعودة الوضع إلى المجرى القانوني واكتساب السلطة الجديدة الشرعية»، في محاولة اعتبرها مراقبون تهدف الى قطع الطريق على مناورات الرئيس القرغيزي المخلوع كارمان بيك باكاييف الذي جدد بدعم من بيلاروسيا تأكيده عزمه مواصلة العمل لاستعادة حكمه، وأعلن انه «سوف يكشف حقائق» في مؤتمر صحافي خاص يعقده اليوم (الجمعة). في غضون ذلك، لف غموض مصير احمد باكاييف شقيق الرئيس القرغيزي المخلوع بعد تردد معطيات عن تعرضه «للخطف أو القتل» في قرغيزستان. وبدا أن لعبة التجاذبات الإقليمية ستكون حاسمة لتحديد مستقبل الوضع في الجمهورية التي تشهد منذ إطاحة باكاييف تدهوراً أمنياً حاداً واعمال عنف وفوضى. وعلى رغم تأكيد السلطات الجديدة سيطرتها على الموقف، فإن مصدراً قرغيزياً اعتبر في حديث الى «الحياة» أن الحكومة الموقتة «تبدو مرتبكة بسبب تداعيات الوضع بعد الانقلاب، كما ان رموزها منشغلة بمحاولات كسب رضا كل من موسكو وواشنطن وبكين والآستانة (كازاخستان) تمهيداً لاستحقاق الانتخابات الرئاسية المقبلة». وكانت الحكومة القرغيزية أعلنت أمس، تحديد العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات، على أن ينظم قبل ذلك استفتاء حول إصلاحات دستورية مقترحة ينتظر أن يجرى في حزيران (يونيو) المقبل. وأضاف المصدر القرغيزي ان الإصلاحات تهدف إلى تقليص صلاحيات رئيس البلاد، ومنح سلطات أكبر لرئيس الوزراء وللبرلمان. لكن الحديث عن الانتخابات المقبلة لم يحظ بإهتمام كبير من الأوساط السياسية والإعلامية المنشغلة بالوضع الحالي البعيد من الاستقرار، وهو ما دفع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إلى إجراء مكالمة هاتفية مع رئيسة الحكومة القرغيزية الموقتة روزا أوتنبايفا حضها فيها على إتخاذ تدابير عاجلة لتطبيع الوضع ودفعه إلى مسار قانوني من أجل تسريع اكتساب السلطات الجدية الشرعية المطلوبة. وقالت أوتنبايفا إن لافروف أولى إهتماماً كبيراً خلال المكالمة ايضاً بالجهود التي تبذلها الحكومة من أجل حماية ابناء الاقلية الناطقة بالروسية في الجمهورية وعدم السماح بتكرار تعرض ممتلكاتهم لهجمات «قطاع الطرق». واعتبر مراقبون أن التحرك الروسي مرتبط بما وصف بأنه «مناورات باكابيف» الذي اعلن أخيراً أنه لم يقدم استقالته كما اعلنت الحكومة القرغيزية وشدد على تمسكه بموقعه «رئيساً شرعياً لقرغيزستان ولا قوة تجبرني على التنحي إلا الموت». وهدد باكاييف الذي حظي بدعم قوي من جانب بيلاروسيا ب «معطيات جديدة سيكشفها في مؤتمره الصحافي اليوم. وقال: «سأكشف حقيقة ما جرى». وكان لافروف قال في وقت سابق أمس، إن موسكو «تنطلق من أن الرئيس القرغيزي أكد استقالته في شكل موثق» وأنه «بعث برسالة رسمية من المستحيل أن تلغيها تصريحات شفهية». في غضون ذلك، أعلن ألماز بك أتامبايف، النائب الأول لرئيسة الحكومة القرغيزية الموقتة، أن الحكومة لا تستبعد إثارة مسألة ترحيل الرئيس القرغيزي السابق من خلال توجيه رسالة لطلب استرداده من مينسك. لكن ناطقاً باسم الخارجية البيلاروسية اعتبر الحديث عن طلب تسليم الرئيس القرغيزي «غير منطقي، نظراً الى الملابسات التي رافقت مغادرته البلاد». وفي بشكيك لف الغموض مصير شقيق باكاييف، بعد اختفائه في ملابسات أثارت قلق عائلته. وكان أحمد باكاييف بقي مع بعض أفراد الأسرة في جنوب البلاد بعد مغادرة الرئيس المخلوع. وقال شقيقه الأصغر كانيت بيك باكاييف لوكالة انباء «نوفوستي» الروسية أمس، إن السلطات استدعت أحمد بذريعة تسليمه رسالة إلى الرئيس، وبقينا زهاء ساعة على اتصال معه، وكان الوضع طبيعياً، لكن في آخر مكالمة سمعنا ضجة ودوي إطلاق نار مرتين وبعدها اصبح هاتف شقيقي خارج نطاق التغطية. وأعرب كانيت بيك باكاييف عن قناعته بأن مكروهاً وقع لشقيقه، مشيراً إلى احتمال أن يكون تعرض للخطف أو للقتل.