موسكو - أ ف ب - أطلقت الدولة الروسية التي استثمرت لفترة طويلة في السينما من دون ان تهتم بالمحتوى ولا العائدات، عملية إصلاح واسعة لنظام دعم الفن السابع الذي غالباً ما يكون غير فعال وخاضعاً للفساد، لكي تستعيد الشاشة الكبيرة المكانة التي كانت تحتلها في عهد الاتحاد السوفياتي السابق.وشدد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الذي يرأس مجلس تطوير السينما الذي شكل عام 2008، على ضرورة انعاش السينما الروسية «من خلال منتجات قادرة على المنافسة وجذب المشاهدين في روسيا والخارج».ويرى عدة خبراء ان صناعة الأفلام عادت لتغرق في السطحي بعدما بدأت تتحسن إثر الفوضى الاقتصادية والأيديولوجية التي عمت التسعينات وهيمنة الأعمال الهوليوودية.وتقول ديسيسلافا ميدكوفا الخبيرة في شركة موفي ريسرتش الروسية لوكالة فرانس برس «ثلث المشاهدين الروس يقولون راهناً انهم يترددون في مشاهدة الأفلام الروسية» مع ان عائدات الأفلام الروسية كانت تشكل في عام 2006 ثلث عائدات السينما في البلاد.وتشل صناعة السينما مشاكل مثل فساد الموظفين الرسميين ونظام التوزيع غير السليم والدعم المفرط للدولة ما أدى الى تضخم في الموازنات بدءاً بأجور الممثلين فضلاً عن القرصنة في سوق ال «دي في دي».ويقول نيكيتا ميخالكوف رئيس اتحاد السينمائيين الروس واحد الذين يقفون وراء الاصلاح الواسع في نظام الدعم الحكومي للسينما ان نصف الافلام الطويلة التي مولتها الدولة العام الماضي لم تجد طريقها الى الشاشة الكبيرة. والجدير ذكره هنا هو أن ميخالكوف يعود هذا العام للمشاركة في مهرجان «كان» الفرنسي من خلال فيلمه الجديد «شمس خادعة 2».وتوضح ميدكوفا ان «المنتجين يخسرون 25 في المئة الى 40 في المئة من العائدات لأن صالات السينما لا تكشف عن العدد الفعلي للمشاهدين».وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة «موفي ريسيرتش» مع المنتجين الروس ان العمولات غير المصرح بها التي تمنح الى الموظفين المسؤولين عن منح الدعم تصل أحياناً الى 50 في المئة من موازنة الفيلم.وأقر سيرغي تولستيكوف المدير التنفيذي لصندوق دعم السينما الذي شكلته الحكومة أخيراً في مقابلة مع صحيفة «فيدوموستي» أن «الجميع يتحدث عن عمولات خفية» مضيفاً ان الاصلاح سيسمح بالحد من الفساد.ومنذ خمس سنوات يولي الكرملين أهمية خاصة الى الفن السابع الذي كان يعتبر لفترة طويلة سلاحاً أيديولوجياً في عهد الاتحاد السوفياتي.في ظل رئاسة فلاديمير بوتين (2000 - 2008) رممت روسيا اكثر من 1500 صالة سينما وانتجت حوالى مئة فيلم سنوياً مجارية بذلك تقريباً الحقبة السوفياتية.في الحقبة السوفياتية كانت الدولة الطرف الوحيد الذي يطلب افلاماً من الاستديوات وتقوم بإنتاجها. وسمح هذا النظام بتصوير فيلم «الحرب والسلم» (اوسكار افضل فيلم اجنبي في عام 1968) و «عندما تمر اللقالق» و «سولاريس» لأندريه تاركوفسكي و «سيبرياد» لأندريه كونتشالوفسكي (السعفة الذهبية في كان لأعوام 1958 و1972 و1979).في إطار الاصلاح قررت السلطات الروسية التي كانت تستثمر حتى الآن حوالى مئة مليون دولار سنوياً في افلام طويلة ان يقتصر تمويلها على شركات قادرة على انتاج أفلام ناجحة محتواها اكثر «انسانية» و «وطنية».وفي نهاية آذار (مارس) الفائت اختار صندوق دعم السينما ثمانية استديوات من بين 400 وفقاً لأرباحها والجوائز التي حصدتها في المهرجانات لتحصل كل شركة منها هذه العام على 8.5 ملايين دولار لإنتاج ثلاثة افلام طويلة تحترم المعايير الجديدة.ومن بين هذه الشركات استوديو «اس تي في» لسيرغي سيليانوف وشركة «تراي ت» لنيكيتا ميخالكوف.