يتيحُ تقرير مؤشرات التنمية العالمية 2010، الذي أصدره البنك الدولي أمس، قياس مدى التقدم المُحرز نحو بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية من واقع البيانات والتحليل الإحصائي. وتضمّ قاعدة بيانات تقرير مؤشرات التنمية العالمية، وهي جزء من مبادرة «إتاحة البيانات للجميع»، أطلقها البنك الدولي بغرض فتح أبواب الوصول المجاني إلى البيانات أمام جميع مُستخدميها، أكثر من 900 من المؤشرات التي تُعنى بتوثيق أوضاع اقتصادات بلدان العالم. وتُغطي هذه المؤشرات قطاعات التعليم والصحة والفقر والبيئة والاقتصاد والتجارة وطائفة متنوعة من القطاعات والمجالات الأخرى. يركز تقرير مؤشرات التنمية العالمية لهذا العام على الأهداف الإنمائية للألفية التي دخلت عامها العاشر. ويوضح التقدم الكبير الذي تحقق، الأهداف المحفوفة بالتحديات والمصاعب. فعلى رغم الأزمة الاقتصادية والمالية التي اكتسحت أرجاء العالم، فإن هدف خفض عدد الذين يعيشون في فقرٍ مدقع إلى النصف ما يزال غايةً قريبة المنال في مناطق عديدة نامية. إلا أن التقدم متباين بين البلدان. إذ إن 49 من أصل 87 بلداً تتوافر عنها بيانات تسير على الطريق الصحيح تجاه تحقيق الهدف المتعلق بتقليص الفقر. ويعيش نحو 41 في المئة من سكان البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في بلدان لا يرجح بأن تحقق هذا الهدف. ويعيش 12 في المئة في 60 بلداً لا تتوافر عنها بيانات كافية لتقويم مدى التقدم المُحرز. وتلفت النقاط الرئيسة في تقرير مؤشرات التنمية العالمية 2010 إلى أن الاقتصاد العالمي حقق نمواً بمعدل 2.8 في المئة في 2008 بقياس «تعادل القوى الشرائية»، في مقابل 5 في المئة عام 2007. وسجلت البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل نمواً بوتيرة أسرع من البلدان المرتفعة الدخل، بحيث ارتفع نصيبها من الناتج العالمي أكثر من نقطة مئوية إلى 43.3 في المئة. وانخفضت التجارة في كل مناطق العالم تقريباً تحت وطأة الآثار الناجمة عن الركود العالمي. وكانت منطقة جنوب آسيا الاستثناءَ الوحيد من هذا الاتجاه. وتمثلُ البلدان النامية الآن 33 في المئة من صادرات السلع و21 في المئة من صادرات الخدمات. لكن البلدان المنخفضة الدخل تخلّفت كثيراً عن اللحاق بالركب، حيث تؤمن واحداً في المئة فقط من الصادرات العالمية. وتدعو الأهداف الإنمائية للألفية إلى كفالة تمكن جميع الأطفال في كل مكان من إتمام مرحلة التعليم الابتدائي بحلول 2015. وبات تحقيق هذا الهدف وشيكاً. واتسع نطاق فرص التعليم أمام الفتيات في كل مكان، ولكن لا تزال فجوات كبيرة بين الجنسين في البلدان المنخفضة الدخل، وبخاصة في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي. وعرض التقرير للنتائج المحققة على صعيد صحة الأطفال وصحة الأمّهات ومكافحة الأمراض. وتناول تقرير «مؤشرات التنمية العالمية – 2010» فقدان الغابات الذي كان كبيراً منذ 1990، لكن البيانات الحديثة تُظهر تباطؤاً في المعدل العالمي لإزالة الغابات والأحراج. وفي شرق آسيا، زادت الصين مساحة الأراضي المغطاة بالغابات بتنفيذ برامج تحويل الأراضي الهامشية المستخدمة في زراعة المحاصيل. وعلى رغم ارتفاع كفاءة اقتصادات البلدان في استخدام الطاقة ما أدى إلى خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون لكل وحدة من إجمالي الناتج المحلي، فإن متوسط نصيب الفرد من هذه الانبعاثات لا يزال مستمراً في الارتفاع. وأفاد التقرير بأن تدفقات المعونة من أعضاء لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ارتفعت من 69 بليون دولار عام 2000 إلى 122 بليوناً عام 2008، إلا أنها، وإن ازدادت في 2009 و2010، ستظل دون مستوى التعهدات المحددة . وأدى تحسين إدارة الديون، وتوسيع نطاق التبادل التجاري، والتخفيضات الكبيرة لديون البلدان الأشد فقراً، إلى تخفيف أعباء خدمة الديون. ويعتبر متوسط التعريفات الجمركية آخذاً في الانخفاض، وتشهد البلدان درجة أكبر لتحرير التجارة، ولكن لا تزال توجد حواجز وعقبات أمام المصدّرين من البلدان النامية. إذ تفرض حواجز من شركاء تجاريين مثل تطبيق الحد الأقصى للرسوم الجمركية بصورة انتقائية على سلع معينة وإعانات الدعم التي تدفعها البلدان الغنية إلى المنتجين الزراعيين المحليين بينما تنبع عقبات أخرى من سوء حالة البنية الأساسية وجوانب انعدام الكفاءة التي تَحدّ من قدرة البلدان النامية على المنافسة في السوق العالمية.