اتخذت اعمال شغب في قرغيزستان أخيراً منحى خطراً بعدما زادت وتيرة الهجمات على مناطق يقطنها مواطنون روس وأتراك، رفع خلالها من وصفتهم السلطات ب «الأشقياء» شعارات تطالب برحيل «الأجانب». وحذر خبراء من احتمال تنامي «الاعتداءات العنصرية» لدى فئات غاضبة في الشارع القرغيزي، فيما تعهدت الحكومة الموقتة بالتصدي بقوة لمخالفي القوانين، بعدما اسفرت الاعتداءات عن عشرات القتلى والجرحى في اليومين الماضيين. وهددت حلقة جديدة في مسلسل العنف الذي عاد إلى التصاعد في الجمهورية مناطق حول العاصمة بشكيك أمس. وأعلنت وزارة الصحة أن خمسة أشخاص قتلوا وجرح 28 أخرون خلال مواجهات عنيفة وقعت في قرية مايوفكا ليل الأحد - الإثنين ، لترتفع حصيلة القتلى في المنطقة ذاتها منذ صباح الأحد إلى سبعة قتلى. وأعلنت السلطات القرغيزية الجديدة أنها لن تسمح بتهديد الأمن العام وستضرب بقوة على ايدي «الأشقياء» الذين شنوا الهجمات. وأفاد مسؤول أمني أن الشرطة اعتقلت أكثر من مئة شخص من مهاجمي قرية مايوفكا التي يقطنها روس وأتراك، ما منح الهجمات صبغة عرقية خصوصاً أن المهاجمين رفعوا شعارات تطالب برحيل «الأجانب» وتدعو إلى السيطرة على ممتلكاتهم. واعتبر سياسيون في قرغيزستان أن «التوجهات العنصرية» للهجمات تشكل خطراً كبيراً على البلاد خصوصاً في هذه المرحلة، وأعلنت رئيسة الحكومة الموقتة روزا أوتونبايفا أن الحكومة «ستتخذ تدابير حاسمة لمنع تفاقم الموقف». ورأت أن الوضع في بشكيك وفي قرغيزستان في شكل عام «تحت السيطرة». لكن اوتنبايفا لم تستبعد في الوقت ذاته «ان تتكرر محاولات الاستيلاء على الأراضي» مؤكدة أن حكومتها لن تقف مكتوفة الأيدي. وكانت الأزمة الجديدة بدأت عندما هاجم مئات الأشخاص المسلحين بهراوات قرى تقطنها غالبية روسية وحاولوا الاستيلاء على أراض زراعية لإنشاء منازل عليها، وتكرر المشهد ذاته مع مناطق يسكنها أبناء القومية التركية، ما أسفر عن مواجهات عنيفة، علماً أن هاتين القوميتين هما الأكبر بين الأقليات التي تقطن قرغيزستان. ويتقدم الأوزبك الأقليات في قرغيزستان بنسبة تصل إلى نحو 14 في المئة من مجموع السكان البالغ عددهم نحو خمسة ملايين نسمة، فيما يحتل الروس المرتبة الثانية بين الأقليات القومية بنسبة تصل إلى نحو عشرة في المئة يليهم الأتراك بنسبة تزيد على ثمانية في المئة. وتقطن البلاد أيضاً مجموعات عرقية صغيرة بينها التتار والأوكرانيون وأقليات أخرى. وفيما يعمل الأتراك بالزراعة وقطاعات الأعمال الصغيرة فإن الروس يمثلون النخبة المالية الأهم وبالإضافة إلى امتلاكهم أراضي زراعية كبيرة، تعمل غالبيتهم في قطاعات المال والأعمال. وعزا خبراء في قرغيزستان استهداف الأقليتين القوميتين بأن جزءاً مهماً من الثروات مركز في أيدي الروس والأتراك. واتهمت الحكومة القرغيزية الموقتة في بيان أصدرته أمس، «جهات بالوقوف وراء محاولة زعزعة الموقف في البلاد» في إشارة إعتبر البعض أن المقصود منها الرئيس القرغيزي المخلوع كارمان بيك باكاييف الذي غادر البلاد وقدم استقالته لكن أنصاره في إقليم جلال أباد مازالوا يرفضون الاعتراف بشرعية السلطة الجديدة. واحتشد آلاف حول العاصمة بشكيك ، وصفتهم وسائل اعلام قرغيزية بأنهم «غاضبون توافدوا على العاصمة من الأقاليم للاستيلاء على أراض زراعية». ولفت شهود إلى أن «الوضع حول بشكيك مقلق للغاية، وقد يزداد توتراً عند حلول الظلام». في موسكو، قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف عقب محادثات مع نظيره الاوزبكي اسلام كريموف ان «هناك حاجة ماسة لإعادة احياء الدولة (في قرغيزستان) لأنه لا توجد دولة في الوقت الحاضر» في هذا البلد. من جهة أخرى، اعلن الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو إن رئيس قرغيزستان المخلوع موجود في مينسك عاصمة بيلاروسيا. وكان لوكاشينكو عرض على باكاييف اللجوء السياسي بعد فراره من قرغيزستان الى كازاخستان الأسبوع الماضي. وقال لوكاشينكو أمام برلمان بيلاروسيا، ان «باكاييف معنا تحت حماية دولتنا ورئيسها». وأضاف: «إنه رئيس دولة صديقة»، مشيراً الى ان باكاييف موجود في مينسك مع اسرته. وطلبت بشكيك من مينسك ضمان أمن باكاييف «في انتظار محاكمته».