يرى طلاب جامعة الباحة أن بقاءهم شبه مستحيل في منطقة الباحة خلال فترة الإجازة، على رغم ما تمتلكه المنطقة من مناظر سياحية خلابة وأجواء مميزة، تجعل منها مزاراً في مثل هذه الأيام من السنة. ويعزو طلاب مغادرون، وهم كثر، ذلك إلى أن لديهم الرغبة في قضاء إجازتهم خارج المنطقة، هرباً من اجواء الدراسة التي اعتادوا عليها، وكنوع من أنواع التنفيس. فالطالب فهد الحارثي يجد نفسه دوماً خارج الباحة بمجرد حلول أي إجازة، قصيرة كانت أم طويلة، فيظل متنقلاً بين جدة والطائف ولا يمر الباحة كما يقول خلال الإجازات إلا مرور الكرام، محملاً الذنب للجهات المختصة التي لم توفر للشباب أي أماكن للترفيه أو قضاء الأوقات. ويوافقه الرأي عبدالمجيد الزهراني الذي يجد أن الإجازة تظل بلا نكهة إن لم يزر الدمام، «ويتمنى أن يقضي إجازته هناك، إلا إذا أجبرته ظروفه العائلية على البقاء في الباحة»، حينها سيبقى في الباحة «لكن على مضض». فيما يرى نايف عمير أنه يغادر الباحة بمجرد حلول الإجازة إلى العقيق حيث يقطن أهله، وفي حال كانت الإجازة طويلة، فهو لا يتوانى في الذهاب إلى الرياض حيث يرى أنها إضافة لكونها العاصمة فهي درة بحد ذاتها. ويشير عمرو جاليه وهو من سكان محافظة بلجرشي إلى أن جدة هي وجهته المفضلة من دون منازع عند حلول أي إجازة، «فمنطقة الباحة ليست بها متنفسات للشباب وكل المتنزهات للعائلات، ومن الطبيعي أن يغادر كما يقول عدد كبير من أهالي الباحة المنطقة عند حلول أي إجازة». في المقابل، فيصل غانم يرى في الباحة متنفساً مميزاً لكي يقضي فيها إجازته، «فمن تلك المميزات التأمل في الطبيعة الساحرة لمنطقة الباحة»، أما فيصل حنش فيجد في الإجازة فرصة للقراءة، يقول: «الإجازة للقراءة، فلا يهمني المكان». لكن أحمد مديس يجد أن الإجازة هي فرصة للتقرب أكثر من الأهل والأصدقاء لتعزيز العلاقة بهم. من جانبه، ينفي اختصاصي الطب النفسي الدكتور أحمد مصطفى تفسير رغبة الشباب في قضاء إجازاتهم خارج الباحة على انها نقص في المتنزهات أو الأماكن الترفيهية، وإن كان ذلك صحيحاً، معتبراً أن السبب الحقيقي يكمن في «الضباب». ويضيف: «تقول أحدث الدراسات الأميركية أن تراجع القدرات الذهنية للمصابين بالاكتئاب سببه قلة التعرض للشمس وليس الاضطراب الذى يصيب حالتهم النفسية، فهناك علاقة قوية بين أشعة الشمس وتدفق الدم إلى الدماغ، وهو المحفز للنشاط المعرفي، وكذلك فإن الدراسة تعول على الاضطراب العاطفى الموسمي الذى يعرف باسم «كآبة الشتاء»، وهو عبارة عن اضطراب فى المزاج يصيب الناس بشكل متكرر فى الشتاء، لأن الشمس لا تسطع كثيراً فى الأماكن التى يعيشون فيها. ويشير مصطفى إلى أن هذه الدراسات وجدت صدى، تحديداً فى الدول الإسكندنافية أو الدول التى يسودها جو من الضباب، الذي يحجب أشعة الشمس فلا تصل للإنسان بالشكل الكافي. ويتابع: «مهمة أشعة الشمس فضلاً عن التدفئة، تنشيط تكون فيتامين «د»، وترسب الكالسيوم فى العظام، هو إفراز الموصلات العصبية المخية بكثرة نتيجة التعرض للإضاءة وليس للحرارة. وزاد الاختصاصي النفسي: «يتم استخدام الإضاءة المبهرة، ويجلس فيها المريض لمدد تتراوح بين نصف ساعة وساعتين، ثلاث مرات أسبوعياً، تحفيزا لتلك الموصلات العصبية المخية، ومن أهمها مادة الدوبامين ومادة السيروتونين ومادة النورأدرينالين ومادة الأكسيتوسين، وهى كلها مواد من شأنها تثبيت المزاج وعدم حدوث الاكتئاب النفسي، مضيفاً أن نقص الأوكسجين والرغبة في تغيير الجو من أسباب انتشار ظاهرة السفر من الباحة خلال الإجازات».