على رغم عدم تقلّد الفقيهات السعوديات مناصب رسمية، وعدم اللجوء إليهن بالفتاوى من الرجال، إلا أن جلسات مؤتمر الفقه الإسلامي، شهدت «خروجاً عن السائد» في الشأن الفقهي بالسعودية على الأقل، إذ شاركت نساء فقيهات سعوديات وخليجيات في الإجابة عن أسئلة «فقهية» تم طرحها من الحضور والمشاركين، وقدمن أوراق عمل يطرحن وجهة نظهرهن «الفقهية»، وسط حضور علماء ومشايخ، حتى من أعضاء هيئة كبار العلماء السعودية. وخلال جلسة «أحكام التداوي»، في مؤتمر الفقه الإسلامي، المنعقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، لم يتردد رئيس الجلسة الشيخ الدكتور صالح بن حميد (رئيس مجلس القضاء الأعلى)، في إحالة بعض الأسئلة الفقهية إلى مشاركات في الطرف الآخر من الجلسة (قاعة النساء)، بل كان يلقي عليهن السؤال وفق أشهر طرق إلقاء الأسئلة على الفقهاء، حين يغدو الصوت لا عالياً ولا منخفضاً، إنما أقرب إلى صوت الوقار والتهذيب عند الحديث مع ذوي العلم الشرعي. واللافت أن بعض الحضور وجّه أسئلته الفقهية مباشرة إلى النساء المشاركات في الجلسة، وهن: أستاذ مساعد في الفقه وأصوله في جامعة أم القرى الدكتورة منال بنت سليم الصاعدي، وأستاذ مساعد في قسم العلوم الإسلامية في جامعة السلطان قابوس الدكتورة شريفة بنت سالم آل سعيد، وأستاذ مساعد بجامعة أم القرى - تخصص الفقه المقارن الدكتورة تغريد مظهر بخاري، فيما كان يقابلهن في القاعة الرجالية شيخان، الأول عضو من هيئة كبار العلماء السعودية، والثاني أحد مشايخ جامعة الأزهر. وعلى رغم وجود عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق مشاركاً بورقة عمل، إضافة إلى أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر الدكتور رضوان جمعة، إلا أن الإجابات الشرعية على أسئلة المتداخلين كانت تتنقل ما بين المشاركين الخمسة، ولا سيما بعد أن فتح ابن حميد المجال للنساء ليجبن عن الأسئلة، فيما كان المطلق، ينصت بتمعُّن لإجاباتهن. وتراوحت الأسئلة للمشاركات حول «التداوي بالأعشاب التي يخالطها نجاسة»، وهو سؤال وُجِّه إلى شريفة آل سعيد، فيما جاء أسئلة أخرى إلى منال الصاعدي وتغريد بخاري، حول التداوي ببعض أجزاء الحيوانات كالخنزير وغيره، إذ ذهبت بخاري، إلى أن التداوي باستخدام مواد نجسة أو محرمة كالخنزير عند الضرورة جائز: «فإنِ اضطر مسلم في بلد ما ولم يجد غيره، جاز للضرورة الشرعية». كما تجاوزت بعض أوراق عملهن ألف صفحة تدور حول الآراء الفقيه في قضايا التداوي، فيما قامت مشاركات أخريات في جلسات مختلفة (بلغ عدد الجلسات 16 جلسة) بطرح آرائهن الفقهية من دون ظهور للجدل الذي ما زال يدور في بعض الأوساط الإسلامية حول دخول المرأة في دائرة الإفتاء. وفيما اختتمت جلسات المؤتمر، مساء أمس، بآخر ورقة عمل قدمتها الدكتورة ماجدة بنت محمود هزاع حول (تحسين النسل من منظور إسلامي)، اعتبر البعض أن مؤتمر الفقه الإسلامي «بادرة» في الاعتراف الرسمي بدور المرأة في ما يخص الإدلاء بآرائهن في الجوانب الشرعية، ولا سيما أن عدد المشاركات وصل إلى 26 امرأة ما بين داعية وفقيهة وطبيبة، في مقابل 55 رجلاً شاركوا جميعاً في طرح أوراق عمل.