كانت الدكتورة المصرية سهير القلماوي إحدى النساء الأوليات اللاتي حصلن على شهادة الماجستير، وكان هذا الإنجاز محلاً للخلاف الذي قام من أجله عدد كبير من الرجال عام 1937 بالتجمع لمنعها من دخول قاعة الامتحانات، حتى أخذ طلاب جامعة فؤاد الأول آنذاك (القاهرة حالياً) بالصراخ في وجهها ولكنها وبهدوئها شقت طريقها بينهم، إلا أنهم قاموا بقذفها بالحجارة من خلال نافذة الغرفة التي تمتحن بها، ما اضطر لجنة الأساتذة المشرفة على امتحانها إلى نقلها من مكانها إلى قاعة أخرى لتأدية امتحانها الشفوي، وللتأكد من قدرة امرأة على استيعاب تلك المادة الصعبة قام الأساتذة بالتشدد في امتحانها في الموضوع الذي تدرسه وهو أدب الخوارج في العصر الأموي، وبدلاً من أن يستغرق الامتحان ثلاث ساعات، استمر امتحانها ست ساعات كاملة، وكان من بين ممتحنيها مشرفها العلمي عميد الأدب العربي طه حسين، ومع ذلك كان ذكاء سهير القلماوي في الامتحان لا يقارن، واستمر تحصيلها العلمي حتى حصلت على شهادة الدكتوراه عام 1941 مع مرتبة الشرف وكان موضوع رسالتها عن ألف ليلة وليلة، لتصبح بذلك أول امرأة تنال الدكتوراه من الجامعة، وأول امرأة تشغل درجة أستاذ في اللغة العربية عام 1956، وأول رئيسة لقسم اللغة العربية لمدة تسع سنوات متتالية، علاوة على إسهامها في إقامة أول معرض دولي للكتاب بالقاهرة عام 1969، ودخولها اللعبة السياسية كعضوة بمجلس الشعب عن دائرة حلوان عام 1979. كلمة أخيرة: قوة المرأة الشخصية لا تتعارض أبداً مع حاجتها النفسية والعاطفية لحب الرجل لها واحتوائه وكذلك لممارسة أمومتها، كل ما في الأمر أن المرأة التي تتمتع بميزات إضافية في تكوينها العقلي واستعدادها النفسي إنما تضيف إلى عطائها الإنساني أياً كان موقعها في الحياة، ذلك أن قدرتها على التفكير العقلاني الأقرب إلى الصواب وشجاعتها في مواجهة المواقف الطارئة بحسن تصرف وذكاء هو اختيار لا يجعلها عبئاً إنسانياً على أحد ولا حتى على نفسها، فلا تلقي بثقل حمولها وعجزها عن تدبير أمورها على كاهل غيرها وعلى مِشجب ظروفها، أما مقياس التفاضل فينبغي أن يكون في إتقان العمل الذي يمارسه الإنسان والإخلاص له، وليس في نوع العمل نفسه، أو في جنس من يؤديه، ولنسمع ما حكته الكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي على لسان أمها في كتابها: «ستدعين السعادة تفلت منك إذا ما فكرت كثيراً في الأسوار والقوانين يا صغيرتي! ستصبحين سيدة عصرية ومتعلمة، ستحوزين على جواز سفر وتجولين العالم وتقرئين آلاف الكتب وسيكون مصيرك أفضل من مصير أمك.. تذكري دائماً أنني على رغم كوني غير متعلمة وعانيت من وطأة التقاليد، إلا أنني نجحت في انتزاع لحظات قصيرة من السعادة، فلا تضيعي وقتاً في البحث عن أسوار ترتطمي بها.. انشغلي بالتمتع والضحك والفرح، إنه مشروع يلائم فتاة طموحة مثلك». وقالوا: «الحب أكثر من العاطفة.. والمرأة أكثر من الجنس» لورانس. [email protected]