في مؤشر واضح الى وجود «دور روسي» في أحداث قرغيزستان الدموية التي اطاحت بنظام الرئيس كرمان بك باكاييف واسفرت عن مقتل حوالى 100 شخص وجرح الف آخرين، سارع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين إلى الاعتراف بحكومة «الثقة الشعبية القرغيزية» التي ترأستها وزيرة الخارجية السابقة روزا اوتنبايفا، معلناً عزمه على مساعدة هذا «البلد الجار». وواكب ذلك اعلان مسؤول روسي كبير شارك في مراسم توقيع الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي ديمتري مدفيديف على معاهدة «ستارت 2» لخفض الاسلحة النووية في براغ، ان الرئيس القيرغيزي المخلوع لم يفِ بوعده الخاص بإغلاق القاعدة الجوية الأميركية في بلاده، «حيث يجب ان تتواجد قاعدة روسية فقط». وأعلن ديمتري بيسكوف، الناطق باسم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، أن الأخير اتصل هاتفياً برئيسة «حكومة الثقة الشعبية القرغيزية» لتأكيد دعم بلاده لها ورغبته في تقديم مساعدات انسانية ضرورية لقرغيزستان». ومثل ذلك أول إعتراف رسمي بنتائج الانقلاب وشرعية الحكومة الانتقالية التي اعلنت حل البرلمان ورغبتها في تنظيم انتخابات خلال ستة أشهر، مع العلم أن بوتين انتقد لدى بدء اعمال العنف الاربعاء الماضي، «سيطرة أفراد أسرة باكاييف على السلطة، ما جعله يقع في الحفرة ذاتها لسلفه» عسكر اكاييف. وكان المتظاهرون احرقوا ليل الأربعاء - الخميس قصر نجل باكاييف الذي ادار جهاز الأمن، وافادت معلومات انه فر إلى الولاياتالمتحدة. في غضون ذلك، رفض الرئيس المخلوع غداة فراره الى مسقط رأسه في محافظة جلال آباد (جنوب) الاستقالة، محذراً من ان بلاده على شفير «كارثة انسانية». وقال في بيان نشره الموقع الاخباري لادارته على الانترنت: «اعلن كرئيس انني لم اتنحَّ ولن اتخلى عن مسؤولياتي، لكنني لا أملك اي وسيلة حالياً للتأثير في الاوضاع، لذا ادعو المجتمع الدولي الى منح قرغيزستان عناية خاصة». واقرّ بأن الجيش والشرطة يخضعان لسيطرة الحكومة الانتقالية التي شكلتها المعارضة برئاسة وزيرة الخارجية السابقة روزا اوتنباييفا، «لكنهما غير قادرين على بسط الامن»، في اشارة الى اعمال النهب التي تعرضت لها مبانٍ ومراكز حكومية ومتاجر في بشكيك. وابلغ خبير قيرغيزي في موسكو «الحياة» بأن اعمال العنف والدمار والفوضى التي اجتاحت البلاد خلال اليومين الاخيرين وخلفت أكثر من 100 قتيل، عكست حال انفلات امني واسع لم تستطع احزاب المعارضة التي أمسكت بزمام السلطة التحكم بها أو توجيهها. وأعلنت اوتنباييفا أن المعارضة تسيطر على اربع من اصل سبع مقاطعات في الجمهورية، وانها لم تفرض سلطتها بالكامل على المحافظات الجنوبية. ولفتت الى محاولة الرئيس المخلوع تجميع آلاف من أنصاره لتنظيم مقاومة في الجنوب، حيث غالبية السكان من الريفيين، وسط معلومات عن توزيع اسلحة في هذه المناطق. لكن الرئيس السابق عسكر أكاييف المقيم في روسيا بعد اطاحة نظامه في «ثورة السوسن» الاولى العام 2005، استبعد اندلاع حرب أهلية «لأن مزاج المعارضة قوي في الجنوب أيضاً»، مرجحاً استقرار الوضع خلال أيام.