المقال شيء مؤسف جداً أن نجد امة اقرأ لا تقرأ حين أوضحت التقارير الموثوق بها التي أعلنت عنها العديد من دور النشر في عالمنا العربي أخيراً وقبل أسبوعين مضت أن معدل 30 كتاباً تتم قراءتها لكل مليون قارئ في الوطن العربي وهذا ما أفصحت عنه العديد من القنوات الفضائية بل ومن ابرز تلك القنوات المعروفة بصدقيتها ووضوحها... وكشف التقرير أيضاً أن دور النشر تنشر بمستوى متواضع جداً مقارنة مع دور النشر الأوروبية أو الأميركية وتظل تلك التقريرات والنتائج مخيبة للآمال في ظل التطور الذي تشهده الأمم من حولنا وعليه أقول وأنا ممن انخرطوا في التأليف والنشر قبل سنوات عدة مضت، إذ سبق لي تأليف عدد من الكتب في الثقافة والفنون...أقول إن من ضمن تلك الأسباب التي يمكن تشخيصها باعتبارها عرضاً وليس مرضاً لأنه من الممكن بمشيئة الله معالجة ذلك العرض ومن ثم انتظار النتائج أقول من مسببات الإهمال ان إعداد الإنسان منذ صغره له الدور الفعال فمثلاً نجد في مدارسنا وجامعاتنا تواضع التشجيع على مفهوم القراءة وتخصيص وقت ضئيل جداً شبه معدوم إن أمكن التعبير للطالب فبعد أن قضيت أكثر من عقدين من الزمن في المجال التربوي والتدريس أجد بكل أسف أننا كمختصين في التربية والتعليم لم نعط الفرصة كاملة للتقريب بين الطالب والكتاب وهكذا الحال بالنسبة إلى جامعاتنا الموقرة، فيما يحدثني احد الأشقاء ممن تعلموا في إحدى العواصم الأوروبية أن المخصص للقراءة في الشهر الواحد للطالب الجامعي يفوق الأسبوع فقط للقراءة من دون الدراسة الفعلية وهذا مما يدعم النشاط الفعلي لمحور القراءة بينما تنصهر تماماً لدينا تلك النظرية بكل أسف، مما ينتج عنه العزوف الواضح عن القراءة. علماً بأن منهجية الحريات لدى الغرب وبعض دول الشرق تتمتع بالمرونة مما قد يصرف الإنسان قليلاً عن القراءة ومع ذلك نجد تطور مستوى النشر والاطلاع لديهم بينما يتقهقر لدينا بالعالم العربي بشكل يندى له الجبين... ومما لا شك فيه أن البيئة المحيطة بالإنسان قد تؤثر في اطلاعه كما هو حاصل في العديد من الأقطار العربية ولكن تبقى الأوضاع في تحسن في بعض من الوجه الآخر لتلك الأقطار كدول الخليج العربي ولله الحمد من حيث تحسن الظروف المادية أو الاجتماعية أو توفر الوقت الكافي ولكن يظل العزوف عن القراءة سيد الموقف مع الأسف... والمضحك المبكي في ذلك الخصوص أنني وجدت سعر الكتاب الواحد في العديد من أسواق مدن الخليج العربي فقط بريال واحد للكتاب المستعمل، ويظل الإعراض معمولاً به للأسف مما يعطي لنا دلالة واضحة جداً أن مكمن الخلل يعود إلى التأسيس واللبنة الأولى في حياة الإنسان، الذي نقصده هنا هو تنشئة الطالب منذ صغره وتعويده... أقول أتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تحذو حذو شركة أرامكو التي ابتكرت قبل فترة من الزمن فكرة المكتبة المتنقلة والتي شاهدتها شخصياً في أقصى مدن المملكة إذ وصلت تلك المكتبة إلى مدن ومحافظات بعيدة جداً. ولكن تبقى الاستمرارية أمراً مطلوباً في تلك الحالات؛ فهل من منهجية جديدة للجهات المسؤولة عن التعليم لدينا في غرس حب الكتاب للجميع وابتكار طرق جديدة لتدوير الكتاب وتوجيهه لشد انتباه المتلقي حتى نستطيع تخطي العديد من الحواجز التي أبعدتنا عن مجالات المعرفة والاطلاع؟ وهل يعود الكتاب خير جليس مع تطور التقنية كالانترنت وغيره حتى نثبت ونبرهن للعالم أجمع أننا أمة اقرأ التي تقرأ؟ أم نبقى رهائن للشاشة التلفزيونية والنت من دون حراك؟