984 ألف برميل تقليص السعودية إنتاجها النفطي يومياً    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    «مهاجمون حُراس»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    حديقة ثلجية    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين تحكم العالم... هدف بعيد التحقيق
نشر في الحياة يوم 07 - 04 - 2010

يشغل صعود الصين الاقتصادي غير المسبوق، منذ المسيرة التي بدأها دينغ تشاو بينغ عام 1979، اهتمام المؤرخين والباحثين في هذا التطور وإمكاناته ومعانيه، نظراً إلى مكانة الصين في النظام الدولي ومستقبله.
أحدث ما صدر في هذا الشأن هو كتاب الباحث «مارتين جاك» «عندما تحكم الصين العالم»، يبدأ الكتاب من ملاحظة صعود عدد من البلدان النامية، وكون الصين أكثرها أهمية اقتصادية فهي بالتالي حاملة العالم الجديد. وتقوم افتراضات الغرب إزاء هذا التطور على أن الصين ستتبنى النموذج الغربي، ويعارض المؤلف هذه الافتراضات ويعتبرها سيئة التصور، فصعود الصين سيغير العالم بأكثر الطرق عمقاً، من غير المتصور أن الصين ستصبح أمة على الطراز الغربي وبالطريقة التي تعود عليها الغرب.
أما السيناريو الذي يستند إليه الكاتب في تصوره لمستقبل الصين فهو أنها ستستمر في النمو في شكل أقوى وتبرز في النصف الثاني من هذا القرن أكثر مما يتوقع الكثيرون، باعتبارها القوة القائدة في العالم. غير أن السؤال الذي يناقشه الكتاب هو أنه في الوقت الذي ستبدأ الصين في الظهور كقوة عالمية، فما شكل قوتها؟ أو بمعنى آخر، كيف ستبدو السيطرة الصينية؟
في الإجابة يفترض الكتاب أن هيمنة الصين ستتضمن على الأقل تحولات جيوبولولتيكية عدة: ستبرز كعاصمة عالمية، وثم ستصبح قوة عالمية قائدة، وتجعل من شرق آسيا أكثر مناطق العالم أهمية، وبالتالي فإن آسيا ستتبوأ مكانة أكثر قارات العالم أهمية.
ويدعم الكاتب حججه حول مستقبل الصين بما يسميه «ثقل الأرقام»، فعلى عكس قوى مثل الولايات المتحدة، والاتحاد السوفياتي سابقاً، وأوروبا، فإن الصين تضم 20,7 في المئة من سكان العالم (عام 2001).
وفي مجال آخر يتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة أنه في عام 2018، ستكون قيمة السياحة الصينية أكبر من مثيلتها في الولايات المتحدة. كما ان اللغة الصينية ستتبوأ قيمة عالمية، علماً أن عدد مستخدمي «الإنترنت» الصينيين أكثر من المستخدمين الأميركيين عام 2008. أما على المستوى التكنولوجي فيرى الكاتب الكثير من الشواهد على أن الصين تتسلق بثبات السلم العالمي، وفي الوقت الراهن تمثل اقتصاداً مبادراً أكثر منه مجدداً ففي عام 2006 تقدمت الصين لتصبح ثاني أكبر مستثمر في البحث والتطوير بعد الولايات المتحدة. ويخلص الكاتب إلى أن أحد الآثار الاقتصادية الأساسية لصعود الصين هو تحول وإعادة تشكيل النظام المالي العالمي.
كيف ستسلك الصين كقوة عظمى؟ في هذا الشأن يثير الكاتب عاملين يجب أن يكونا في الاعتبار: الأول يرتبط بما يسمى المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية التي تركز على أهمية المصالح. ومثلما يجادل عالم السياسية روبرت كاغان، فإن القوى الصاعدة، لديها إحساس بالتوسع في المصالح والأهلية. وتبعاً لذلك فإن الصين، ستميل إلى السلوك كقوة عظمى. أما العامل الثاني فعلى النقيض، إذ يركز على ان هذه القوة العظمى ستتصرف وفقاً لتاريخها وظروفها لذلك تتصرف بطرق مميزة.
يقول الكاتب: حتى النصف الثاني من القرن، يبدو من غير المحتمل أن الصين ستكون عدوانية، وستركز على ادارة قوتها النامية في شكل يتسم بالحرص وضبط النفس، وفي الوقت الذي تصبح الصين أكثر ثقة، فإن الإحساس القديم بالتفوق سيكون واضحاً في شكل متزايد، ولكن لن يتشبه بالإمبريالية بمعناها الغربي التقليدي.
ويرى ان الصين ستصبح في شكل متزايد ديموقراطية، ولكن بما يحمل بصمة تقاليدها الكونفوشيوسية العميقة. ويستخلص أن الصين ستتصرف كنموذج بديل للغرب مستخدمة نوعاً مختلفاً من فن الحكم: بلد نام، نظام شيوعي، ونظام سياسي كونفوشيوسي وسلطوي أكثر منه ديموقراطياً.
ويناقش الكاتب ما ستكون عليه مكانة الصين المتفوقة في عدد من المجالات مثل: الجامعات، والقوة الناعمة، والرياضة، والطب. فحول الجامعات الصينية يذكّر بالطريقة العامة التي تركت الولايات المتحدة بصمتها على العالم كله في هذا المجال، فهي تمتلك ما اعتبر أنه أفضل جامعات التي جذبت أفضل الأكاديميين والطلاب من العالم. أما الصين فتضم خمساً من بين 200 جامعة في القمة. وفي ترتيب جامعة شنغهاي لجامعات العالم فإن جامعات القمة الصينية تحقق تقدماً نحو المراتب العالمية.
على أن حماسة الكاتب تقابل بتحفظ عدد من الخبراء، يرفضون المبالغة في النظر الى الصين والهند.
النمو الاقتصادي السريع منذ الحرب العالمية الثانية أنعش الناتج الاقتصادي الآسيوي وقدرة تلك القارة العسكرية، لكن من المبالغة القول إن آسيا ستصبح السلطة الأبرز في العالم، وأقصى ما يمكن أن يؤدي إليه صعودها هو احلال عالم متعدد الأقطاب بدل القطب الواحد، وآسيا حتى الآن ليست قريبة من إغلاق فجوتها الاقتصادية والعسكرية مع الغرب. فهي تنتج نحو30 في المئة من إجمالي الناتج العالمي، ولكن بسبب عدد سكانها فإن حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لا تزال أقل من مثيلتها في الولايات المتحدة.
ومن غير المحتمل أن تسيطر الصين على آسيا بمعنى أن تحل محل الولايات المتحدة كحافظ اقليمي للسلام وأن تؤثر تأثيراً حاسماً في سياسات البلدان الأخرى، كما أن نموها الاقتصادي ليس مضموناً على أي نحو، فضلاً عن أن للصين جيراناً كباراً في روسيا والهند واليابان سيقاومون بضراوة محاولتها للهيمنة الإقليمية. ونستطيع أن نضيف إلى هذه الملاحظات ان النمو الصيني في الحقبتين الماضيتين، تصاحبه نقاط ضعف كان الساسة والخبراء الصينيون هم أول من اعترف بها، وكان آخرهم وزير خارجية الصين في خطابه أمام مؤتمر ميونيخ للسياسات، فهو أشار إلى الإنجازات ثم قال إن بلده تواجه الصعاب فدخل الفرد لم يتجاوز 3000 دولار أميركي، وهو بذلك في المرتبة 104 عالمياً، كذلك فإن النمو غير المتوازي مازال مشكلة بارزة، فبكين وشنغهاي لا تمثلان كل الصين وهناك مناطق نائية مازالت فقيرة جداً حيث يعيش 135 مليون مواطن على أقل من دولار واحد في اليوم، وعشرة ملايين منهم بلا كهرباء.
فالصين مازالت دولة نامية وستحتاج إلى جهود أجيال عدة قبل أن تصل حقاً إلى مستوى الدولة الحديثة.
*المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.