حذرت دراسة جديدة نشرتها صحيفة «نيوزويك» الأميركية من إحتمال غرق ما نسبته 60 في المئة، من مساحة «دلتا النيل» المصرية في مياه البحر الأبيض المتوسط، وذلك بحلول نهاية القرن، وستتشبع 60 في المئة من أراضيها بالملح، وتصبح غير صالحة للزراعة، ما يهدد بفقدان ثلثي المواد الغذائية، ويترتب على هذا تشريد ثلثي سكان البلاد ومعاناتهم من الجوع. ونشرت الصحيفة تحقيقاً حول هذه الدراسة المهمة في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، محذرة من غرق «دلتا النيل» في مصر بمياه البحر الأبيض المتوسط المالحة، والتي تهدد خصوبة التربة وتزيد من نسبة ملوحة الأراضي في حلول العام 2100. ونقلت الصحيفة عن أحد مزارعي كفر الشيخ، ويدعى عبد الله سلام قوله: «إنه يشعر في هذه الأيام، أن التربة تحاربه، إذ تجف سريعاً، وتصبح صلبة ورمادية. ولا يبدو أن البذور تحبها، ومهما كانت الأموال التى ينفقها على الأسمدة، يجني محصولاً أقل في كل موسم حصاد. ومهما يروي الأرض، فإنها دائما عطشى». ويعتمد المزارعين في «الدلتا» ري أراضيهم على مياه النيل، وقاموا بربط المنطقة بشبكة معقدة من القنوات المتصلة بالنهر وروافده، لكن المياه اصبحت أكثر تلوثاً جراء زيادة أعداد السكان وانتشار المصانع على ضفاف النهر. وتابع سلام: "تمتد فترة الحصاد ما بين خمسة إلى ستة أشهر، ويبلغ إنتاج الفدان الواحد من القمح 10 «إردباً» (مكيال متعارف عليه في مصر)، إذ بلغ في الماضي بين 18 إلى 20 إردباً، موضحاً أنه سيقوم ببيع نصف كمية المحصول في السوق، بينما سيحول النصف الثاني إلى دقيق تطحنه زوجته وتخبزه، لكن من المستحيل جعل هذه الكمية الصغيرة من الدقيق تكفي حتى موسم الحصاد المقبل، حسب قول زوجته. ولفتت «نيوزويك» إلى أن هذه الأرض، حيث يمتد النيل للقاء البحر، كانت تنتج فيما مضى ما يكفي من القمح لإطعام الجميع من القاهرة إلى روما (سلة غذاء العالم)، كما اعتادوا أن يسموها. واليوم، بالكاد تغذي «الدلتا» المزارعين الذين يزرعونها، أما سلام فيلقي باللائمة في تراجع عوائده على ارتفاع أسعار الأسمدة وسوء الحظ. وأوضح استاذ «الهيدرولوجيا» (علم المياه) في جامعة «الزقازيق»، بدر مبروك أن المضخات التى يستخدمها المزارعون في نقل مياه النيل إلى أراضيهم، بدا حلاً جيداً لمشكلة نقص المياه، لكنه يعجل في نهاية المنطقة، مضيفاً: يؤدي رفع المياه الجوفية العميقة إلى حالة من الضغط وجذب مياه البحر. ولاتزال المشكلات البيئية خارج أولويات الحكومة، وجاءت تلك التحذيرات في الوقت الذي تشهد فيه البلاد اضطرابات سياسية وحالة من الفوضى وانعدام الأمن. وأشارت صحيفة «نيوزويك» إلى أن الحكومة تتجاهل المشكلات المحيطة بمنطقة «الدلتا»، على رغم تحذير علماء المناخ والجيولوجيا من مخاطر تسرب المياه المالحة إلى تلك المنطقة. ولم يعد ارتفاع مستوى مياه البحر مسألة مستقبلية الحدوث، بينما تتعرض مدن الإسكندرية ودمياط وبورسعيد بشكل يومي لموجات من المد البحري. وإذا إرتفع البحر بنسبة 20 بوصة، فإن 30 في المئة من منطقة الإسكندرية ستغمرها المياه بحلول العام 2100.