كشفت ندوة أقيمت في مدينة الخبر، أول من أمس، ان واحداً من كل أربعة سعوديين مصاب بمرض السكري، إذ بلغت نسبة الإصابة بهذا المرض بين السعوديين، 23.7 في المئة. وقال أستاذ طب المجتمع المساعد في جامعة الدمام المشرف على مكتب الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع في المنطقة الشرقية الدكتور عبدالله الجودي، خلال الندوة العلمية الثانية التي تعقدها الجمعية خلال العام الجاري: «إن اختيار مرض السكري في هذه الندوة بسبب أهميته البالغة، إذ يعد أكبر مشكلة صحية تواجه المملكة»، موضحاً أنه «لا يوجد علاج شاف لهذا المرض حتى الآن، فبمجرد أن يصيب الإنسان يصبح ملازماً له طوال حياته. وهنا تبرز أهمية الوصول إلى طريقة للتحكم فيه». وناقشت الندوة، التي عُقدت تحت عنوان «مريض السكري بين المستشفى والمركز الصحي»، إمكانية نقل متابعة الوضع الصحي للمريض من المستشفيات إلى المراكز الصحية، وسط نقاش حول جدوى الخيارين، في ظل ضعف الإمكانات في المراكز، مقارنة في المستشفيات. وبدأ اللقاء بمحاضرة قدمها استشاري طب الأسرة في مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام الدكتور عمر الشمري، عرض فيها دراسات عالمية تقارن بين علاج مريض السكري في المستشفى، والمركز الصحي. وأوضح أن هناك «تضارباً كبيراً بين نتائج الدراسات، إذ تشير بعضها إلى أن التحكم في علاج المريض في المراكز الصحية أفضل. فيما تشير أخرى إلى أن المستشفى أفضل». وعرض دراسة عالمية سبرت غور هذه الدراسات مجتمعة، وخرجت بنتيجة تفيد أنه «ليس هناك فرق بين المستشفى والمركز الصحي، إذا نظرنا إلى النتيجة النهائية، وهي التحكم في مستوى سكر الدم، والمضاعفات». وأرجع الشمري، الاختلاف بين الدراسات إلى أن «مشكلة مرض السكري تكون عادة متزامنة مع أمراض أخرى، تؤثر على التحكم في المرض. كما أن هناك عوامل أخرى، مثل مدى تفاوت ثقافة المرضى، ومستواهم العلمي، ووعيهم في المرض ومضاعفاته، وقدرتهم على التجاوب مع الطبيب، والانضباط في إتباع التعليمات، والحرص على فحص السكري المستمر في المنزل، إضافة إلى تفاوت إمكانات التشخيص والعلاج بين المستشفى والمركز، والمدة الزمنية المتوافرة لمقابلة المريض وفحصه، ومدى تأهيل الأطباء والفريق الصحي في المراكز الصحية، وقدرتهم على التعامل مع مضاعفات السكري بالفحص الدوري لقاع العين والأطراف، وقياس وظائف الكلى والكبد». وخلص إلى ضرورة «وجود دراسات محلية، تقارن بين المستشفى والمركز الصحي، في ظل تضارب الدراسات العالمية». وفاجأ استشاري الغدد الصماء في مستشفى القطيف المركزي الدكتور جعفر القلاف، الحضور بقوله: «على رغم أنني أعمل في المستشفى، إلا إنني أرى أن أفضل مكان لعلاج مريض السكري هو المركز الصحي، وذلك لسهولة الوصول إليه، وقربه من المريض، إضافة إلى توافر مبدأ الفريق الصحي في علاج المريض، الذي يحتاج إلى مثقف صحي واختصاصي اجتماعي، وصيدلي، في أسلوب متناغم يصل في النهاية إلى الهدف الرئيس من علاج المريض، وهو التحكم في مستوى سكر الدم، وتجنب المضاعفات». واتفق معه استشاري طب الأسرة مدير مستشفى الإمام عبد الرحمن الفيصل في الحرس الوطني الدكتور أحمد الشعيبي، الذي أرجع عزوف المرضى عن المتابعة في المركز الصحي إلى «عدم توافر الإمكانات، وعدم وجود عدد كافٍ من أطباء الأسرة المؤهلين لرعاية مرضى السكري في المركز الصحي، إضافة إلى ندرة وجود الفريق المؤهل في كل مركز». واستعرض مدير مركز صحي القادسية في الدمام الدكتور راشد الجمعة، تجربة المركز في علاج مرضى السكري، ووصفها بأنها «جيدة». وعزا ذلك إلى «وجود تنسيق وتعاون بين المركز من جهة، وبين استشاري الغدد الصماء الذي يعالج المرضى من خلال عيادة مجدولة في المركز الصحي. ويقوم بتحويلهم إلى عيادته في المستشفى». وعلق الدكتور عبد الرحمن أبو داهش، على ذلك، بالقول: «يفترض أن يكون هناك تنسيق في التحويل والمتابعة بين استشاري الغدد الصماء في المستشفى، وطبيب الأسرة في المركز، وعدم وجود تنسيق ونظام إحالة فعال بين المركز الصحي والمستشفى هو الذي أدى إلى عدم تبني هذا الأسلوب، الذي يزيد من تكريس النظرة السلبية إلى المركز، في مقابل المستشفى». وأشار إلى الحاجة إلى وجود «أدلة عمل إرشادية تنظم علاج مريض السكري داخل المركز من جهة. وبين المركز الصحي والمستشفى من جهة أخرى آخذة في عين الاعتبار الوضع المحلي الخاص والإمكانات المتوافرة». وأضاف أبو داهش، ان «الأدلة الإرشادية المعتمدة من الوزارة، عادة ما تكون منقولة حرفياً من أدلة عالمية تناسب المحيط الذي تطورت من خلاله»، مستشهداً باختبار «HA1C». وقال: «إن أحدث الأدلة الإرشادية للجمعية الأميركية للسكري تحث على استعماله للكشف المبكر عن مرضى السكري، فضلاً عن متابعة المريض». وأيده القلاف، الذي أوضح أن «هذا الاختبار، الذي يعد مهماً لمعرفة مستوى التحكم في سكري الدم عند المريض، لا يتوافر في أكثر المراكز الصحية»، مشيراً إلى وجود تعميم يحث الأطباء في المستشفيات على «التقليل من استعماله». وعلق الجودي، على النقاش بقوله: «في حال عدم وجود فرق بين المستشفى والمركز الصحي في النتيجة النهائية لعلاج المريض؛ فإن ذلك يرجح كفة الثاني، إذا نظرنا إلى كلفة العلاج، لأنها أقل بكثير في المركز عنها في المستشفى»، مستدركاً ان ذلك «مرهون بمدى وجود البنية التحتية لتوفير رعاية طبية لمرضى السكري، مبنية على البراهين». ولفت إلى «إهمال التركيز على تثقيف مرضى السكري، وتمكينهم من العناية في أنفسهم، لأن السكري مرض مزمن ليس له علاج».