قبل 11 يوماً من موعدها لا يزال الجدل محتدماً في شأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السودانية، وأكدت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم إقليمجنوب السودان أمس أنها ملتزمة بإجراء الانتخابات في موعدها. جاء ذلك بعد ساعات من تحذير الرئيس عمر البشير من أن رفض «الحركة الشعبية» إجراء الانتخابات، سيعني أنها ترفض قيام الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم (جنوب السودان). وقالت مساعدة الأمين العام ل«الحركة الشعبية» آن ايتو خلال مؤتمر صحافي في جوبا عاصمة إقليمالجنوب إن حركتها مستعدة للانتخابات. وأضافت أن «كل تأخير للانتخابات سيكون له تأثير في استعداداتنا للاستفتاء». وذكرت ايتو أن «عمليتي الانتخابات والاستفتاء ستجريان في موعدهما المحدد في اتفاق السلام الشامل». ونفت أن تكون «الحركة الشعبية» قررت مقاطعة الانتخابات لأن بطاقات الاقتراع طُبعت في الخرطوم. وأشارت إلى أن الحركة لم تطلب حتى الآن تأجيل الانتخابات، وإلى أن جميع مرشحيها أكملوا استعداداتهم لخوض هذا الاستحقاق. وكان الرئيس عمر البشير أعلن رفضه تأجيل الانتخابات المقرر اجراؤها الشهر المقبل «ولو ليوم واحد»، وهدد بأن رفض «الحركة الشعبية» إجراء الانتخابات سيعني أنها ترفض قيام الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان. وأضاف البشير في كلمة له أمام حشد من المعاقين في الخرطوم ليل الاثنين أنه لا يحق لأي فئة أن تعطل حقوق الشعب السوداني، وتعهد أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة. كما أعلنت مؤسسة الرئاسة السودانية تعليق اجتماعها الذي كان مقرراً أمس لمناقشة مذكرة قوى تحالف الأحزاب المعارضة التي تطالب بتأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة قومية. وقالت مصادر في القصر الرئاسي إن خلافات شريكي الحكم وهما «الحركة الشعبية» وحزب «المؤتمر الوطني»، أدت إلى تأجيل الاجتماع إلى أجل غير مسمى. وقال رئيس هيئة تحالف المعارضة فاروق أبو عيسى أمس إن زعيم حزب «الأمة» الصادق المهدي والأمين العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد ورئيس حزب «الأمة - الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل والدكتور رياك مشار نائب رئيس «الحركة الشعبية» دخلوا في مشاورات مع رئيس «الحزب الاتحادي الديموقراطي» محمد عثمان الميرغني ونقلوا له موقف حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم المتعنت تجاه مذكرة القوى السياسية المطالبة بتأجيل الانتخابات حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وذكروا أن حزب البشير يعتبر المذكرة إحدى مماحكات المعارضة ومؤامراتها ضد نظام الحكم، مؤكدين رفض البشير النظر فيها وعدم استعداده لتأجيل الانتخابات. وأشار أبو عيسى إلى أن مشاورات «الحركة الشعبية» مع شريكها في الحكم «حزب المؤتمر الوطني» وصلت إلى طريق مسدود واصطدمت بإصرار الأخير على رفض تأجيل الانتخابات. ورأى أن «المسألة انتهت» بعدما فشلت محاولات الحركة في التقريب بين وجهات النظر. ولفت إلى أن القوى المعارضة اتفقت على اتخاذ موقف موحد لمواجهة تعنت الحزب الحاكم، وسيجتمع زعماء الأحزاب اليوم الأربعاء في دار حزب الميرغني لاتخاذ قرار في هذا الشأن. وقالت مصادر في المعارضة ل«الحياة» إن بعض القوى يتبنى خيار مقاطعة الانتخابات، ورجحت أن تتخذ «الحركة الشعبية» موقفاً وسطاً يضمن لها إجراء استفتاء عبر خوض الانتخابات على مستوى الجنوب، حتى تشرف حكومة منتخبة على الاستحقاق، كما ينص الدستور، ومقاطعة الانتخابات الرئاسية لكسب رضا حلفائها في المعارضة. وسعى الميرغني إلى معالجة حال الاستقطاب والتوتر السياسي ودخل في مشاورات مع البشير واقترح عليه عقد لقاء مع القوى السياسية. وقال الميرغني في تصريحات صحافية إن لقاءه مع البشير جاء في إطار التشاور في شأن أوضاع الوطن. ورأى أن هناك مشكلات يجب التوصل إلى حلول لها، معرباً عن أمله في لقاء يجمع البشير مع القيادات الوطنية. وفي تطور لافت، أشاد «حزب المؤتمر الوطني» بتعاون حكومة الجنوب ومؤسساتها ورئيسها سلفاكير ميارديت، في انجاح حملة مرشحه للرئاسة عمر البشير في الإقليم. وقال رئيس هيئة ترشيح البشير في الولاياتالجنوبية، ومستشاره لشؤون الأمن الفريق صلاح عبدالله، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن بعض عناصر حزبه تعرض الى مضايقات واعتقال. غير أنه أشار الى أن مضايقات جديدة بدأت تظهر عقب نجاح حملات البشير بتعرض عدد من الناخبين في الإقليم الى تهديد ووعيد من «الحركة الشعبية». وتوقع ارتفاع وتيرة المضايقات وحملات التخويف والتهديد. وأضاف أن تحالف أحزاب المعارضة ومنهم قطاع الشمال في «الحركة الشعبية»، يتوقع الحصول على أربعة ملايين صوت في الجنوب لمرشح الحركة للرئاسة ياسر عرمان، لكن الغلبة في الجنوب ستكون للبشير. واعتبر ذلك الدافع الأساسي لمطالبة تلك القوى بتأجيل الانتخابات والهروب من المنافسة ومعركة التحول الديموقراطي. وقال إن هذه القوى تبحث عن مبررات لإخفاء فشلها وتهدف الى تعطيل العملية الانتخابية برمتها. وحذر من أن ذلك من شأنه فتح الباب أمام توترات سياسية في البلاد. وفي سياق متصل، ذكر تقرير جديد أعده مكتب الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية (إيرين) أن التوترات تتصاعد على نحوٍ متزايد مع اقتراب موعد الانتخابات السودانية، إذ أبدى محللون ومرشحون، وحتى ناخبون عن قلقهم إزاء اندلاع أعمال العنف المحتملة فى مناطق الجنوب التى يسودها التوتر. وأشار التقرير إلى وجود خطوات إيجابية للالتزام بالقوانين الانتخابية، وذلك لتحقيق انتخابات نزيهة وعادلة خاليةً من الشوائب، والامتناع عن كل أشكال العنف وعرقلة الناخبين.