أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الاحتلال الإسرائيلي «عقبة حقيقية أمام الاستقرار» في الشرق الأوسط، مشدداً على أن «تحقيق السلام لن يكون بعيداً عندما يكون هناك شريك من الطرف الإسرائيلي يؤمن بالسلام العادل والشامل الذي يقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية وعودة الحقوق إلى أصحابها». وكان الأسد يتحدث خلال مأدبة عشاء أقامها وعقيلته على شرف نظيره الأرميني سيرج سركسيان وعقيلته مساء أول من أمس. وقال إن سورية وأرمينيا «تعيشان في منطقة جيوسياسية واحدة مهمة تتلاقى وتتشابك فيها مصالح دولية كبرى، ما يحتم على البلدين التعاون والتنسيق والتفاهم على التفاصيل والاستراتيجيات»، موضحاً أن «الحوار والتفاهم بين دول هذه المنطقة والاعتراف بمصالح كل دولة واحترامها هو الطريق الأمثل لحل مشاكلها وتعزيز موقعها دولياً». ورأى أن منطقتي الشرق الأوسط والقوقاز «على رغم عدم استقرارهما المزمن، قطعتا شوطاً لا بأس به في طريق بناء العلاقات الطبيعية بين دولها وشعوبها بعدما كان تخيل بعض هذه العلاقات ضرباً من المستحيل، وبدأت هذه الخطوات تؤتي ثمارها على أرض الواقع من خلال تراجع تأثير القوى الخارجية وتدخلاتها في سياق الأحداث مقابل انتقال المبادرة في حل مشاكلها ورسم مستقبلها إلى أيدي أبنائها». لكنه أشار إلى أنه «لم تبق عقبة حقيقية في وجه الاستقرار سوى الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل سياسة القتل والحصار والاستيطان وهدم بيوت الفلسطينيين وتهويد القدس ورفض كل مبادرات السلام». وقال سركسيان في محاضرة ألقاها في جامعة دمشق أمس إن التعاون السوري - الأرميني «حصل على دفعة قوية بعد استقلال أرمينيا» عام 1991، وأن البلدين «مستعدان لمواصلة تعزيز التعاون بينهما على قاعدة التفاهم المتبادل والمهم وعلاقات الصداقة الممتازة بيني وبين الرئيس الأسد»، مشيراً إلى أن «مجالات التعاون بين البلدين تشمل وضع مواقف موحدة في شأن القضايا السياسية والاقتصادية وتبادل الخبرات في المجال الزراعي والمعلوماتية والتعليم والثقافة». وأضاف أن دراسات تُجرى لتوسيع مجالات التعاون لتشمل برامج ومجالات جديدة من خلال اجتماعات اللجنة الحكومية المشتركة التي تعقد بصورة دورية وتناقش وتنسق العمل في شأن قضايا التعاون التي تهم الجانبين. وبعدما أكد سعي بلاده إلى «توسيع آفاق تعاونها مع الدول العربية إلى جانب مواصلتها سياسة ترمي إلى ضمان السلام والاستقرار في منطقة ما وراء القوقاز هدفها خلق إمكانات لمصادر تطور جميع شعوب القوقاز»، قال سركسيان ان سورية وأرمينيا «برهنتا في الفترة الأخيرة على أنهما تسيران نحو تطوير العلاقات بما يسهم في خدمة مصالحهما المشتركة والأمن والاستقرار في المنطقة... ولن ندخر أي جهد لتبقى هذه الجسور ثابتة». ووقّع البلدان أمس عشرة اتفاقات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية لتعزيز العلاقات في مجالات العدل والداخلية والتعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والكهرباء والطاقات المتجددة والرياضة والاستشعار عن بعد، إضافة إلى برنامج تنفيذي للأعوام 2010-2012 للتعاون العلمي والفني في المجال الزراعي. وأجرى الرئيس الأرميني محادثات مع رئيس مجلس الشعب (البرلمان) محمود الأبرش ورئيس الحكومة محمد ناجي عطري، وجرى «التشديد على أهمية دفع علاقات التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز دور رجال الأعمال بما يسهم في توطيد الشراكات الاقتصادية والاستثمارية». وغادر أمس دمشق متوجهاً إلى حلب لزيارة معالم فيها ولقاء أرمن سوريين، قبل أن يزور غداً مدينة دير الزور في شرق البلاد.