يستضيف متحف اللوفر في باريس ابتداء من اليوم وحتى أواخر أيلول (سبتمبر) المقبل، قطعاً اثرية من حضارة مروى السودانية التى ازدهرت في الفترة بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الرابع بعد الميلاد. واختيرت القطع الأثرية التي يبلغ عددها 200، بواسطة لجنة مشتركة من الهيئة العامة للآثار والمتاحف في السودان ومتحف اللوفر. وهي من الذهب والفضة والفخار والحجارة والطين، بعضها من السودان وبعضها الآخر جُمع من متاحف عالمية تعرض الآثار السودانية. وتقع مروى على الضفة الشرقية للنيل، وتبعد 220 كلم من الخرطوم، وطوال ستة قرون توسعت إلى حوالى 1700 كلم على طول النهر كما امتدت إلى سهل واسع بين عطبرة والنيل الأزرق. وازدهرت في هذه المنطقة ايضاً مملكة كرمة وعاصمتها تحمل الإسم ذاته (2400 -1500ق.م). وفي المنطقة ذاتها عثر عالم الآثار السويسري شارل بوني الذي امضى 43 سنة منقباً بين رمالها، في العام 2008 على مدينة كاملة تبلغ عرضها حوالى 600 متر طولها 700 متر، كانت مغمورة تحت الرمال. كما تشهد هذه المنطقة الأثرية الكبيرة نشاطاً متصلاً منذ سنوات تشارك فيه بعثات اوروبية إلى جانب خبرات سودانية، وتُعلن بصفة دورية اكتشافات مهمة تحت رمالها الكثيفة كان آخرها في كانون الثاني (يناير) حين عثر على أربعة تماثيل ملكية للفرعون تهراقا(690-664 قبل الميلاد) والملكين سينكامانيسكت (643-623 قبل الميلاد) وأسبيلتا (593-568 قبل الميلاد)، إضافة إلى تاج ملك رابع لم يتم التعرف اليه بعد. وقد وُصف الاكتشاف بالمذهل لأنه بيّن ان تهراقا السوداني حكم امبراطورية كبيرة توغلت عبر مصر إلى حدود فلسطين، وليست معروفة الحدود الجنوبية لتلك الإمبراطورية. وبموازاة هذا النشاط تابعت هيئة الآثار السودانية التي أقرت اخيراً خطة 2010 للمسح الآثاري في سائر الولايات، التعريف بالحضارات السودانية وقامت بجولة لعرض آثارها في متاحف المانيا وبريطانيا والإمارات وغيرها من البلدان وصولاً إلى باريس ومتحفها الشهير. وحول هذا المعرض الأخير اوضح أمين امانة المتاحف عبد الرحمن علي في حديث مع «الحياة»، أن مروى «عُرفت بملامح ثقافية مميزة نتيجة لعلاقاتها التفاعلية مع حضارات المنطقة من حولها، فلها صلات بحضارة مصر الهلنستية 330 - 30 ق.م، وبالحضارة الرومانية ما قبل 30 ق.م ولغاية 390م، وبالحضارة البيزنطية حتى 640 م وسواها. وأكسبها هذا التفاعل نمطاً حياتياً منفتحاً ومعماراً مبدعاً». المعرض الذي يعرّف بجوانب مختلفة من الحضارة المروية مثل العمارة والحفريات الأثرية، خصوصاً الحفريات الفرنسية في منطقتي «المويس» و «الحصي» في ولايه نهر النيل، يحضر افتتاحه وزير الثقافة السوداني، ويحوى نشاطات ثقافية عدة بينها محاضرات تعريفية حول الحضارات السودانية بمشاركة علماء آثار من البلدين.