كيف تنظر إلى مستوى إعلامنا من الناحية المهنية؟ - لا شك أن إعلامنا وصل إلى مستوىً عالٍ من الناحية الفنية والإخراجية، خصوصاً المقروء منه، أما من الناحية المهنية فإنه لم يزل دون المأمول بل إنه قياساً بالمستوى المهني الذي وصلت إليه مهنة الصحافة لم يزل دون المستوى، ودعك من كثرة الصفحات وتحبير المقالات وبهرجة الألوان، صحافتنا لم تزل قاصرة عن وعي المجتمع الذي أصبح هو الناقد الأول قبل المتخصص وللأسف أن هذه الصحافة لم تزل تنظر إلى المجتمع نظرتها له في السبعينات الميلادية، أما الإعلام المرئي والمسموع فإن البيروقراطية تقيده ولعل في توجه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة بتحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء إلى مؤسسات عامة، ما يعطي الفرصة لممارسة عملٍ إعلامي يتسق ومتطلبات المرحلة. ألا تعتقد بأنك تقسو في حكمك على الصحافة؟ - أولاً أنا لست قاضياً لأصدر الأحكام، ولكنني متابع ومتخصص ومن حقي وحق أي مواطن أن يبدي رأيه في صحافة تدعي أنها معنية بقضاياه، ولكي تتأكد من صحة رأيي من عدمها اقرأ صحفنا بنظرة فاحصة وسترى العجب من الناحية المهنية، إن الرأي يختلط بالخبر فيها فيما عدا الأخبار المستقاة من وكالة الأنباء السعودية والتقرير يختلط بالتحقيق والمقالات أكثرها إنشائية، إضافة إلى أن المادة الإعلانية التي تتجاوز النسبة التي تسمح بها أنظمة العمل الإعلامية في المملكة وغيرها من الدول، وهذا مأخذٌ أخلاقي. إذاً، ماذا ينقص المهنة الإعلامية لدينا؟ - شيء واحد، ألا وهو التدريب المستمر، فالمهنة الإعلامية ذات طبيعة ديناميكية ولا ترتكن إلى الطبيعة البيروقراطية التي نراها في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، لأن التدريب خطٌ موازٍ للارتقاء بالآداء في أية مهنة فما بالك بمهنة الإعلامي الذي هو أحوج ما يكون إلى ذلك، ثم إن التدريب يمكٍّن الإعلامي من الممارسة الصحيحة، وإنني أتساءل هنا: كم دورة في مجال التحرير الصحافي أوغيره من المجالات الإعلامية يلتحق بها الصحافيون سنوياً؟ ودعك من الدورات الصورية التي ينفذها صحافيون هم أصلاً بحاجة إلى تدريب. ألا ترى ثمة تناقضاً بين انتقادك للإعلام والصحافة تحديداً وإشادتك ببعض الكوادر الصحافية لدينا؟ - (إن أريد إلا الإصلاح) وأنا لست متشائماً ولا سوداوياً ولست ممن يمارسون جلد الذات، نعم انتقد الإعلام، ولكن هذا لا يعني عدم وجود جوانب مضيئة أو كوادر سعودية لو منحت فرصة التدريب والإبداع لأصبح إعلامنا في الطليعة خذ على سبيل المثال المذيعات السعوديات اللواتي تخاطفهن القنوات الفضائية وكذلك المذيعيون السعوديون هل سيفضلون التغرب عن وطنهم لو مُنحوا الفرصة للإبداع وحفزوا عليه؟ أليس من المزري أن لدينا مذيعات قديرات ومثقفات يمتلكن خبرة طويلة في الإعداد والتقديم، ثم نجد السيدة ميسون أبوبكر تمثلنا في كل محفل بوصفها إعلامية ومثقفة سعودية مع قدرتها الإعلامية المتواضعة في مجال التقديم، مع أنني لست ضد الاستفادة من القدرات العربية إذا كانت جديرة على أنني أقول قول الواثق أن لدينا اكتفاءً ذاتياً من المتخصصين الإعلاميين. تبقى الزميلة ميسون أبوبكر زميلة حرف... ألست ترى أن الاحتفاء بها قد يكون في مكانه؟ - سؤالك صحيح، لكنني أرى أن لدينا حساسية في الكرم تتجاوز المعايير، لدرجة أننا نهين أنفسنا وأهلينا أحياناً بدعوى إكرام الضيف، وإلا ما معنى أن الزميلة ميسون تمثلنا أخيراً في اليمن وهناك أسماء مميزة لمثقفين سعوديين مهمشين لم يشاركوا في الأسبوع الثقافي في اليمن ولا في غيره. بمناسبة الأسابيع الثقافية... ما رأي عبدالله السميح المثقف والإعلامي فيها؟ - من الناحية الثقافية لا شك أنها من الفعاليات المهمة لمد جسور التواصل مع الأشقاء، لكنها تحتاج إلى فريق إعلامي استشاري يخطط لحملة إعلامية مصاحبة لكل أسبوع ويتواصل مع القنوات الفضائية ويتخذ من مشاركات المثقفين السعوديين مواد إعلامية لإعداد التقارير والمقابلات والتحقيقات اللازمة التي ترسخ الصورة الذهنية المتوخاة عن ثقافتنا لدى المتلقي العربي أو الأجنبي على حدٍ سواء. ما رأيك في آلية اختيار الأسماء؟ - أنا أعتقد أن وزارة الثقافة والإعلام لا تنقصها الإمكانات لتصميم قاعدة بيانات لفرز أسماء المثقفين المتكررة وإحلال أسماء جديدة لم تشارك سابقاً بدلاً عنها. وبالمناسبة فإن متخصصاً في الحاسب الآلي يستطيع القيام بهذه المهمة، أما آلية جبر الخواطر فإنها - وإن عبّرت عن كرم المسؤول- لم تعد صالحة لأن الأسماء تمثل الوطن ومن غير المعقول أن نجامل على حساب الوطن. أقسام الإعلام لدينا... هل أدت دورها كما يجب؟ - من الناحية الأكاديمية أعتقد أن أقسام الإعلام تقدم كل متطلبات التخصص التي تؤهل الخريج، غير أنني أعتقد أن آلية القبول يجب أن تتغير فمعروف أن العمل الإعلامي عملٌ إبداعي ومثلما أن هناك شخصاً لا تؤهله قدراته للالتحاق بكلية الهندسة أو الطب أو اللغات والترجمة، فهناك أشخاص لا تؤهلهم قدراتهم ليكونوا إعلاميين، للإعلامي مواصفات خاصة ليس أقلها امتلاك الحس والحدس واليقظة ويمتلك اللغة والثقافة والاهتمام بقضايا الرأي العام وامتلاك الصفة الإبداعية كل هذه العناصر لا بد أن تصقل بالتخصص العلمي ثم التدريب ثم الممارسة العملية.