تباينت آراء عدد من المثقفين والمفكرين، من حضور المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) في دورته ال25، حول المبادرات الحضارية والأممية الموجهة إلى الآخر (الغرب) إذ رأى البعض أن تأثيراتها محصورة على النخب الثقافية الغربية، خصوصاً أن منظمات أيديولوجية تسيطر على ثقافة الشعوب الأخرى. وقال هؤلاء ل «الحياة» إن الأمر يحتاج إلى إصرار على مواصلة نهج إقامة علاقة الحوار والفكر والثقافة مع الغرب بمختلف الأساليب المنطقية. وحول مدى وصول تلك المبادرات إلى عقلية الشعوب الغربية المختلفة، اعتبر المفكر العراقي الدكتور حسن العلوي في حديث ل «الحياة»، أن مبادرات الحوار التي تنطلق عن المشرق الإسلامي ربما لا تجد آذاناً صاغية، لأنها تدافع عن النفس بعد جملة اتهامات ضد الإسلام كان للحركات المتشددة سبب فيها، ما أثر في عقلية الفرد الغربي، وأعطت صورة سيئة عنا»، مبيناً أن المبادرات تحتفظ بطابعها النخبوي وليس الشعبي، «فالأخير تسيطر عليه المنظمات السرية ومنظمات التبشير المسيحي، واللوبي الإسرائيلي الذي يقوم بجهود للحيلولة دون وفاق إسلامي مسيحي ودون التواصل مع الموروث الغربي». بيد أن الباحث خلدون عريمط من دار الفتوى اللبنانية، دعا إلى عدم اليأس والصبر في إقامة أواصر الحوار مع الغرب، «فالحوار مع الآخر ضرورة شرعية ووطنية وإنسانية»، مضيفاً: «فكما قاتل أسلافنا عسكرياً لإبراز دور الإسلام علينا أن نقاتل فكرياً وثقافياً واجتماعياً وإعلامياً، لنبين أننا أمة تدعو إلى السلام والحوار، من منطلق الرسالة التي حملها محمد عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: «وما أرسلناك الا رحمة للعالمين». وأوضح أن «ما طرحه خادم الحرمين من الدعوة للاعتراف بالآخر والحوار بين الحضارات يعبر عن رؤية إسلامية، فهذه الطروحات تنعكس إيجاباً على الدعوة الإسلامية، وهي رد عملي على اولئك الذين يريدون أن يشوهوا صورة العرب والمسلمين»، مبيناً أنه على رغم العوامل الضاغطة على الآخر «لمنع التحاور معنا كعرب ومسلمين، لا بد أن نقوم بدورنا كحملة للعقيدة وأن نبرهن للناس على أننا أمة حضارية ومؤمنة تريد الخير للناس وللمجتمع البشري بأكمله». فيما أكد الكاتب العربي بلال الحسن، أنه «يوجد في الآخر من معنا ومن ضدنا لديهم مواقف عدائية ضدنا، لذا يجب فهم هذا الآخر، خصوصاً حين نقوّم مؤتمرات الحوار يجب أن نختار الناس القابلين للانفتاح معنا، فيجب العناية بمن يدعى ومن لا يدعى لنصل إلى الهدف»، داعياً إلى أن نتواصل مع العقلانيين حتى نصل إلى مؤتمرات وحوارات قوية وفعالة بين الأديان، مضيفاً: «إذا كان لديك فكر صحيح ورجال أكفاء يستطيعون أن يطرحوا الأمور بشكل مقنع لا بد أن تصل إلى الآخر، فالفكرة الصحيحة تفرض نفسها». من جهة أخرى تتواصل فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة، بحضور عدد كبير من شخصيات عربية وعالمية، تمثل أطياف مختلفة في الفكر والثقافة والسياسة.