في مقابل سرعة انتشار استخدام وسائل الاتصال الحديثة وأنظمة التبادل الإلكتروني واعتماد المؤسسات عليها، ازدادت وتيرة الجرائم الإلكترونية والاحتيال، التي اعتبرها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في افتتاح ملتقى مكافحة الجريمة الإلكترونية بعنوان «مكافحة الاحتيال والقرصنة الإلكترونية في القطاعين المصرفي والتجاري في لبنان»، من الجرائم «الخطيرة والمعقّدة»، لأنها «عابرة للحدود ويُستخدم فيها أحدث التقنيات، ويكون مرتكبوها متخفين وخارج الدولة في معظم الحالات ما يتطلب في مواجهتها تضافر الجهود المحلية والعالمية». ولفت إلى أن لبنان «حلّ في المرتبة السابعة بين البلدان العشرة الأولى على مؤشر «أونكتاد» في منطقة آسيا لعام 2014، وفقاً لتقريره الصادر هذه السنة بعنوان «إطلاق إمكانات التجارة الإلكترونية في البلدان النامية». لكن على رغم النتائج الإيجابية في مجال الاقتصاد الرقمي، رأى أن لبنان «لا يزال يفتقر إلى البنية التشريعية مع غياب القوانين التي تصب في مجال التجارة الإلكترونية وحماية المعلومات والبيانات، ومكافحة جرائم الانترنت وسوء استخدام أنظمة الكومبيوتر». وعلى صعيد العمليات المصرفية والمدفوعات، أكد سلامة أن لبنان «حقق بالفعل تقدماً مهماً، إذ سعى «المركزي» خلال العقدين الماضيين إلى تطوير المناخ التشريعي الضروري لتطوير التعاطي الإلكتروني في القطاعين المصرفي والمالي». وشدد على «الحماية وضبط الكلفة» وقال: «اقترح المصرف المركزي عام 1999 القانون 133 الذي وسّع مهماته في مجال الصيرفة الإلكترونيّة، ما أتاح له إصدار تعاميم تنظيمية لتطوير وسائل الدفع وأنظمتها وتحديداً العمليات المنفّذة من طريق الصراف الآلي وبطاقات الإيفاء أو الدفع أو الائتمان، وكذلك التحويلات النقدية بما فيها الإلكترونية وعمليات المقاصة والتسوية العائدة لوسائل الدفع والأدوات المالية المتنوعة». وخلُص مؤكداً أنّ العنصر البشري المهني والمدرّب «يشكّل أفضل حماية لمنع الجرائم المالية». وأعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، أن المديرية العامة «أنشأت مكتباً متخصّصاً بمكافحة الجرائم الإلكترونيّة وجهّزته بأحدث المعدّات التقنية المتطوّرة، وأخضعت ضبّاطه وعناصره لتدريب متخصّص، وهي لا تزال تسعى إلى رفع مستواهم وكفاءتهم ليواكبوا التطوّر». وقال: «واجهنا في مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتيّة مشكلة غياب التشريعات والقوانين التي تنظّم عمل قطاع الانترنت، وعدم وجود قانون خاص لتنظيم التوقيع الإلكتروني أو لتحديد الجرائم الإلكترونية وطرق مكافحتها والعقوبات المناسبة لها». وأوضح أن «تنسيقنا مع النيابة العامة التمييزيّة أثمر إصدار تعاميم منها، ما يتعلّق بمزوّدي خدمات الانترنت لحفظ معطيات حركة الانترنت التي تمرّ عبر خوادمهم (Servers)، بهدف ضبط هذه الحركة وتنظيمها ورفع الأدلّة الجرميّة وتعقّب المجرمين على الانترنت». فيما يتضمّن التعميم الآخر «إرشادات عامة استباقية للوزارات والمصارف، بهدف حماية أنظمتها من الاختراق بعد تهديدات مجموعة تُعرف باسم anonymous». ولفت إلى «الطلب من هيئة «أوجيرو» بعد أخذ موافقة النيابة العامة التمييزيّة، حجب المواقع التي تبيع سلعاً وهميّة، أو تعود إلى شركات وهميّة أو احتياليّة وملاحقة أصحابها». وأعلن أمين سرّ هيئة التحقيق الخاصّة لدى مصرف لبنان نائب رئيس مجموعة «إغمونت» في العالم عبدالحفيظ منصور، أنّ الانتشار المتزايد لاستخدام شبكة الانترنت «واكبه بروز ظاهرة سلبية تندرج تحت عنوان الجريمة الإلكترونية وعمليات الاحتيال والقرصنة، التي نشط مرتكبوها خلال السنوات الأخيرة من خلال قيامهم بعمليات احتيال وقرصنة بطرق مدروسة ومعقّدة». وأوضح أن ذلك «انتهى بسرقة أموال الأفراد والمؤسّسات في وقت يصعب تعقّب مرتكبيها، نظراً إلى إخفاء هويّتهم الأصليّة باستعمالهم أسماء وروابط الكترونيّة مستعارة ومزوّرة». وأوضح أن خطورة هذا النوع من الجرائم تظهره «الإحصاءات المتوافرة لدى الهيئة التي تشير أرقامها إلى التزايد الناشط لتلك الجريمة خلال السنوات الأخيرة». وكشف أن الهيئة «تعاملت مع حالة قرصنة مالية واحدة عام 2011 ليصل العدد منذ بدايته وحتّى تاريخه إلى 63، وتراوحت قيمة المبالغ المقرصنة في تلك الحالات بين 1500 دولار حداً أدنى ومليونين حداً أقصى». وعدّد منصور الطرق المعتمدة لاستعادة الأموال المسروقة وهي «في حال اكتشاف السرقة خلال فترة 24 ساعة إلى 48 بعد حدوثها، يمكن التقدّم من المصرف بطلب استرداد الأموال ويطلب المصرف من مراسله توقيف الحوالة وإعادتها». والوسيلة الثانية تتمثل ب «مسار وحدة الإخبار المالي من خلال هيئة التحقيق الخاصّة، التي تتواصل مع نظيراتها في الخارج وتطلب منها تجميد الأموال المسروقة تمهيداً لاستردادها». وتقضي الثالثة ب «الاستعانة بمكاتب المحامين المحليّين وفي الخارج لتجميد الأموال سريعاً، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لاستعادتها». وأمل منصور في «إصدار تعليمات مصرفيّة أو اقتراح تعديلات على التشريعات التي لا تزال قيد البحث في مجلس النواب لا سيّما قانون التعاملات الإلكترونية لتحصين المصالح الخاصة والعامة».