وقعت الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» المتمردة في دارفور اتفاق إطار يحدد مواضيع التفاوض بينهما وآخر لوقف النار، في الدوحة أمس وسط حضور عربي وأفريقي، ما اعتبر حلحلة للأمور، خصوصاً بعد وصول المفاوضات بين الخرطوم و «حركة العدل والمساواة» إلى طريق مسدود، على رغم توقيعهما اتفاقاً مماثلاً قبل أسابيع. وتبادل رئيس وفد الحكومة السودانية إلى مفاوضات الدوحة الدكتور غازي صلاح الدين ورئيس «حركة التحرير والعدالة» الدكتور التجاني سيسي، نصي الاتفاقين بعد توقيعهما في حضور نائب أمير قطر ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي ترعى بلاده الوساطة ونائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وكبير مساعدي الرئيس السوداني مني أركو مناوي ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، إضافة إلى ممثلي عدد من الدول بينها ليبيا والسعودية ومصر واريتريا والجامعة العربية والاتحاد الافريقي ودول غربية. ونص الاتفاق الإطار الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، على «احترام وحماية حدود السودان وأراضيه وتأكيد الديموقراطية والتعددية السياسية والمحافظة على مجتمع مدني نشط وحكم القانون واستقلال القضاء وحرية الصحافة والمحاسبة والشفافية والعدالة والمساواة، وأن المواطنة أساس الحقوق والواجبات». ووفقاً للاتفاق، ستتفاوض الحكومة و «التحرير والعدالة» على «قضايا اقتسام السلطة بتمكين مواطني دارفور من المشاركة في مستويات الحكم كافة على أساس الديموقراطية والتعددية السياسية والمساواة الكاملة بين المواطنين، وبحسب النسبة العادلة للثقل السكاني»، كما ستشمل المفاوضات «معالجة الأوضاع الناجمة عن إجراء انتخابات 2010، بتمثيل الحركة في مستويات الحكم المختلفة... وقضايا العدالة والمصالحة وتقاسم الثروة والترتيبات الأمنية ووقف النار نهائياً». واتفق الجانبان على أهمية دور المجتمع المدني في العملية السلمية، وأن تقوم بينهما «شراكة سياسية تنهض على مبادئ توحد الطرفين»، أهمها «الحكم الفيديرالي ودعم تطبيق قرارات مجلس الأمن الداعمة للعملية السلمية والقسمة المنصفة للسلطة والثروة، وتأكيد حق النازحين في العودة ومساعدتهم». وقررا وقف النار والأعمال العدائية كافة، بمراقبة القوة المشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي «يوناميد»، كما اتفقا على إصدار عفو عام بحق أعضاء «التحرير والعدالة» وإطلاق سراح سجناء الحرب من الجانبين بعد التوقيع النهائي، إضافة إلى «الكف عن أي أعمال عنف أو ترويع للسكان أو نشاط عسكري داخل وقرب معسكرات اللاجئين والنازحين أو التجنيد أو أي عمل استفزازي أو هجمات ضد قوات يوناميد أو استخدام الألغام». وتعهدا «ضمان حركة الأفراد والبضائع وعدم إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وحماية العاملين في المجال الإنساني». واعتبر نائب الرئيس السوداني توقيع الاتفاقين «خطوة موفقة، ودفعة قوية لجهود السلام في دارفور». وجدد التزام حكومته «المضي قدماً في إكمال المفاوضات». وشدد خلال مؤتمر صحافي على «ضرورة مشاركة جميع الحركات الدارفورية في هذا الاتفاق الشامل»، داعياً الحركات الأخرى إلى «الانخراط في مفاوضات جادة... شعبكم يتطلع إليكم وأمتكم والعالم يتطلع إلى طي ملف الحرب». ورأى التجاني سيسي أن «مشكلة دارفور مظهر من مظاهر القضية السودانية»، داعياً إلى «مخاطبة جذور المشكلة بطريقة شاملة». وقال إن حركته «تعمل من أجل سودان واحد موحد يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات». ولفت إلى «مشكلة التهميش»، معتبراً أن أزمة السودان «في سوء ادارته». وأكد دعمه الحل السلمي لأزمة دارفور. وقال رداً على سؤال ل «الحياة» إن حركته «لا ترفض حركة العدل والمساواة، بل نرفض أسلوبها الإقصائي». ودعاها إلى «الاعتراف بالآخرين، ثم الحديث عن توحيد المقاومة». وكانت «حركة العدل والمساواة» هددت بمغادرة قطر تماماً إذا وقعت الخرطوم الاتفاق مع «حركة التحرير والعدالة» التي وصفتها بأنها مكونة من جماعات أكثرها وهمي ولا تملك قوة عسكرية أو دعماً. لكن وكالة «رويترز» نقلت عن القيادي في «العدل والمساواة» الطاهر الفقي قوله إن حركته ليست لديها أي خطط فورية لمغادرة الدوحة، غير أنه أضاف أن «وقف النار لا معنى له. إنه وقف لإطلاق النار من دون إطلاق نار... لن نغادر الدوحة. لا يمكن الرد الآن كرد فعل. سنرى كيف سيسير» الاتفاق الجديد. وأشار إلى أن حركته ستدعم الاتفاق الجديد إذا وافقت فصائل «التحرير والعدالة» على الانضمام إليها والتفاوض مع الخرطوم كمنظمة واحدة. من جهته، شدد ولي العهد القطري على حرص بلاده على أن تكون محادثات سلام دارفور في الدوحة «شاملة لا تستثني أحداً، وتمنح الجميع الفرصة للمساهمة في صنع السلام». ورأى أن تحقيق السلام في دارفور «أصبح الآن قريب المنال أكثر من أي وقت مضى»، مشيراً إلى أن «الوساطة تعمل على إقامة منبر تشاوري آخر في الدوحة لممثلي المجتمع المدني الدارفوري قريباً... فرصة تحقيق السلام التي يوفرها منبر الدوحة فرصة ثمينة ينبغي عدم إهدارها». وأكد الشيخ حمد بن جاسم في مؤتمر صحافي مع نائب الرئيس السوداني أن بلاده ستواصل جهودها مع الشركاء في عملية السلام، ونوه ب «دعم الأشقاء والأصدقاء لمنبر الدوحة»، لافتاً إلى «قرار أمير قطر انشاء بنك للتنمية برأسمال قدره بليوني دولار، وستساهم قطر بنصيب كبير منه مع دول أخرى». ونوه الموفد الليبي الدكتور محمد المدني الأزهري بالوساطة القطرية، مؤكداً دعم العقيد معمر القذافي لسلام دارفور. أما الوسيط الأفريقي الدولي جبريل باسولي، فدعا «التحرير والعدالة» إلى مواصلة النقاش مع «العدل والمساواة» والحركات كافة للتوصل إلى اتفاق سلام واحد جامع، مشدداً على أهمية التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الحكومة السودانية وبنية موحدة لحركات دارفور.