يستغرب من يتابع المحطات التلفزيونية اللبنانية والفضائية في الفترة الصباحية أن ظاهرة الفيديو كليب وموجات الغناء من هب ودب، لم تستطع أن تنتج على رغم السنوات وملايين الدولارات التي أنفقت في سبيلها، أعمالاً استطاعت أن تتغلب على الفترة الصباحية الفيروزية. فمنذ عقود طويلة اعتاد اللبنانيون أن يصغوا في صباحاتهم عبر أثير إذاعاتهم الرسمية والخاصة، إلى أغاني فيروز في سياراتهم ومنازلهم ومحالهم. وحين درجت المحطات التلفزيونية على ظاهرة البث المتواصل ولم تحصر بثّها بالفترة المسائية، انتقلت ظاهرة الأغاني الصباحية الفيروزية إليها لتملأ فترة الهواء قبل بدء بث البرامج. واللافت أن هذه المسألة لم تزل سارية إلى الآن، فيعمد بعض المحطات إلى بث الأغاني الفيروزية مترافقة مع شعار المحطة، بينما يعمد بعضها الآخر إلى بث فيديو كليبات رحبانية سبقت الفيديو كليب الحالي بعقود، وهي عبارة عن مشاهد غنائية مصورة مقتطعة من أفلام الرحابنة ك «بياع الخواتم» و «سفربلك» و «بنت الحارس» إضافة طبعاً إلى بعض المشاهد المسرحية والسهرات الغنائية. أو لجوء بعض المحطات إلى توليف صور ومشاهد للجيش اللبناني لتتماشى مع أغان لفيروز كأغنية «بيي راح مع العسكر». واللافت أن تلك الأغاني المصاحبة للمشاهد التمثيلية، لم يتغلب على جمالها أي من الأعمال، بما تتضمنه من أغان وفيديو كليبات، أنتجت خلال العقد الأخير حتى بدا أن معظم تلك الأعمال أصبح نسياً منسياً وربما لم يترك أثراً في ذاكرة المشاهدين - المستمعين يجعلهم يتوقون إلى سماعها ومشاهدتها على رغم ما يتوافر في تلك الأعمال من مشاهد جميلة وفتيات أجمل وآلاف مؤلفة من الدولارات تنفق في كل الاتجاهات بما فيها أوقات البث عبر الإذاعات والتلفزيونات التي تتعامل مع أي فيديو كليب يردها كأنه إعلان له مدة بث محددة سعرها معلوم. حتى أن كثيراً من الفضائيات والإذاعات تعتمد في استمرارها على هذا النوع من الأعمال القائمة على مصلحة مشتركة بينها وبين المنتجين والمغنين لغاية وحيدة هي تسويق العمل أياً يكن مستواه فما دام صاحبه ينفق مالاً تظل طلته البهية على الشاشة بينما نشاز صوته يطرق آذان المشاهدين إلى أن «يفك اللحام»... ويصبح هو وأغنتيه مشهورين بضعة أسابيع أو أشهر. أما أعمال الرحابنة وفيروز المصورة منذ عقود، فتبدو كفيديو كليبات أكثر خلوداً على بساطة المشاهد ومواقع التصوير والفضل كله يعود إلى أن عملهم كان مستنداً إلى صوت يأسر المستمعين أياً تكن الوسيلة التي يصل بها، وكذلك كلمات وموسيقى تجعل القلوب ترقص طرباً. وعرض هذه الأعمال كل صباح على الشاشات يقدّم خدمة للجميع: تخليد العظماء الذين أنتجوا تلك الأعمال، وإمتاع المشاهدين، واستقطاب المحطة أعلى نسبة مشاهدين... أليس هذا ما تسعى إليه كل محطة؟