كانت هدية وارن بافيت من أبيه في عيد ميلاده العاشر عام 1940 رحلة إلى نيويورك. وعلى عكس الأولاد الذين يطلبون زيارة السيرك أو حديقة الحيوانات، طلب وارن زيارة وول ستريت. وأثناء تجواله في بورصة نيويورك، التقى سيدني واينبرغ، الشريك الأول في مصرف الاستثمار "غولدمان ساكس"، ودخل معه في محادثة. وفي ختام الكلام، وضع واينبرغ ذراعه على كتفي الصبي وسأله: "في أي سهم ترغب يا وارن؟" ومنذ ذلك الحين والناس يسألونه السؤال ذاته. بعد 70 سنة، صنّفت مجلة "فوربس" أخيراً بافيت ثالث أغنى رجل في العالم، وكانت وضعته في المرتبة الأولى قبل سنتين. واستثمر خمسة بلايين دولار في "غولدمان ساكس" في عز الأزمة المالية العالمية ما مكّن المصرف من تعويم ذاته وعزز المكانة المالية لبافيت. ويرغب كثيرون، بمن فيهم المديرون التنفيذيون للشركات التي يستثمر فيها، في الوقوف على رأيه بحيث تروج سيرته "كرة الثلج" التي كتبتها أليس شرودر بالتعاون معه على رغم من أنها لا تدخل في عمق تفاصيل كثيرة، فيما تُعد سيرة جادة تغطي جوانب كثيرة من حياته الصاخبة وتخبر قصة مذهلة. لقد عثر بافيت على كاتبة تمكنت من متابعة التقلبات الكبيرة التي شهدتها حياته ومن الدخول في تفاصيل شركته – إمبراطوريته "بركشاير هثاواي" ومن مواكبة تطور رأيه بالنسبة إلى الأزمة المالية التي انقلبت ركوداً عالمياً. وتنجح شرودر في إيضاح التفاصيل المالية للقارئ العادي. كان بافيت طفلاً استثنائياً إذ سحرته الأرقام والحسابات والبحوث الغريبة. ففي كنيسة في مسقط رأسه أوماها، كان يحسب أعمار مؤلفي التراتيل ويقارن بينها. وفي مستشفى تابع لدير دخل إليه بسبب ألم في الزائدة الدودية، جمع بصمات الراهبات في حال ارتكبن جريمة، كما كان يخيل إليه. وبدأ يحلم بمشاريع مربحة منذ كان في السادسة، وبدأ يدخر مصروفه. وكان ينظر إلى العملة من فئة دولار فيرى فيها عملة من فئة 10 دولارات بعد استثمارها. وفي سن ال 14، بدأ يجمع ما يكفي من المال من عمله في توزيع الصحف بحيث بدأ يدفع ضريبة تساوي سبعة دولارات سنوياً، وحسم كلفة ساعته ودراجته الهوائية باعتبارهما نفقات عمل. كان بافيت في مدرسته الثانوية الطالب الوحيد الذي يملك مزرعة ويكسب أكثر من معلميه. بعد ذلك شعر أن الجامعة ستعيق تقدمه، لكنه استمر في حضور الصفوف في كلية إدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا حيث اشتهر بين أترابه بسخريته وبعادات قذرة وبالابتعاد عن أي نشاط جنسي. وكان رفض كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد طلبه للانتساب واضطراره للالتحاق بجامعة كولومبيا حادثة مفصلية في حياته. كان من أساتذة جامعة كولومبيا آنذاك بنجامين غراهام مؤلف الكتاب "المستثمر الذكي" والذي أصبح راعياً له ونموذجه الأعلى في الحياة. وأُعجِب بافيت بفكرة غراهام عن تحليل أمان الاستثمار ولازمته الفكرة كل حياته. خدمته قدرته على اكتشاف الشركات المثمنة بأقل مما تساوي. وخلال صداقته مع مستثمر يكبره سناً تعلق بابنة الأخير التي أصبحت زوجته الأولى سوزي ومنها أنجب ابنيه وابنته. ويتتبع الكتاب، الذي اتخذ اسمه من قدرة بافيت على جعل الشركات الصغيرة تكبر، حياته المهنية من دون إملال، وفيه يروي كيف اتخذ لنفسه عشيقة ما لبث أن تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى عام 2004.