بين قرية منسية تقع عند سفوح جبال الهيمالايا في أقصى الشمال الشرقي للهند قرب حدود مملكة نيبال، وأقبية مطابخ الوجبات السريعة في حي مانهاتن في نيويورك، تدور أحداث رواية «ميراث الخسارة» التي نالت عنها كاتبتها الهندية كيران ديساي جائزة «البوكر» البريطانية للعام 2006 وصدرت أخيراً، في ترجمة عربية أنجزها أحمد هريدي، ضمن سلسلة «الجوائز» لدى الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة. تتناول الرواية موضوع الهجرة والارتحال من بلدان العالم الثالث الفقير إلى الحلم الأميركي الذي يخطف الأبصار بأنواره الباهرة وبريقه البارد. وتعبّر كيران ديساي من خلاله عن الأسى الذي يصبغ حياة المهاجرين الموسومة بالقلق واغتيال الحلم والخسران. «إنها رواية بليغة الأثر بإنسانيتها وحكمتها، وكذلك برقتها وحنانها الهزلي وبعدها السياسي الناقد»... هذا ما قالته هيرميون لي، رئيسة لجنة التحكيم في جائزة البوكر للعام 2006 التي كافأت كيران ديساي جاعلة منها أصغر النساء سناً بين الفائزات بالجائزة الأدبية الكبيرة منذ إنشائها قبل 40 عاماً. تسرد الرواية حكاية قاض هندي يعود من انكلترا إلى بيته في الهند لينعم بهدوء التقاعد، وتحضر حفيدته لتعيش معه ولتنسج خيوطاً أولى لقصة حب بينها وبين ابن الطباخ الذي يعمل في بيت جدها، ولكنه مثل كثير من شبان العالم الثالث يسيطر عليه حلم العمل في مطابخ مانهاتن الأميركية. ومن ذلك التحايل للحصول على فيزا لأرض الأحلام ومروراً بإهانات لا حصر لها وازدراء من الهنود والأميركيين وتشتت للهوية، يعود حافياً بلا حقائب وعارياً إلا من خسارته، يواجه أخيراً والده الطباخ الذي يفتح له الباب بوجه متورم من ضربات حذاء القاضي. وكأن أفراد شعوب العالم الثالث لا يحصدون إلا الخسارة، سواء هاجروا إلى عواصم الحضارة او انكفأوا على ذواتهم في أوطانهم.