بدأ «ائتلاف أحزاب المعارضة» في مصر والمكون من أحزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة الديموقراطية، مؤتمراً أمس يستمر إلى الإثنين لمناقشة تعديلات دستورية وتشريعية مقترحة تهدف إلى كفالة تنظيم انتخابات تشريعية شفافة ونزيهة، إضافة إلى إزالة القيود أمام الترشح على مقعد رئاسة الجمهورية في الانتخابات التي تعقد في خريف العام المقبل. وأجمع الحاضرون على ضرورة حشد الشارع خلف ما سيطرحه المؤتمر من توصيات والتوافق مع القوى الوطنية المعارضة بانتماءاتها كافة، معتبرين أن ذلك «السبيل الوحيد لفرض التغيير والإصلاح». وشهدت جلسات المؤتمر خلافات في الآراء بين الحاضرين وصلت إلى حد تبادل الاتهامات. ودعا المؤتمرون إلى حوار مع المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي من أجل التنسيق وإحداث نوع من التوافق في الأفكار والأطروحات. وكان البرادعي الذي لمح قبل أشهر إلى إمكان خوضه الانتخابات الرئاسية، رفض الحديث مع الأحزاب، وهو أمر أثار حفيظة بعضها. وهدد رئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد، في مداخلة خلال الجلسة الافتتاحية التي خصصت لمناقشة تعديلات تشريعية لضمان نزاهة الانتخابات، ب «الانسحاب من الانتخابات النيابية» التي ستجرى خلال الشهور القليلة المقبلة. واعتبر السعيد «أنها خطوة أخيرة من الممكن بحثها في حال لم يستجب الحزب الوطني لمطالب المعارضة». ورأى «أنه في حال استجاب الوطني (الحزب الحاكم) لنحو نصف ما تطالب به الأحزاب فذلك يُعد نجاحاً». وحضر المؤتمر الذي حمل عنوان «البديل الآمن للوطن»، اضافة إلى رؤساء وقادة الأحزاب الأربعة (الوفد والتجمع والناصري والجبهة الديموقراطية) عدد من ممثلي القوى الوطنية المعارضة في مقدمهم أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نفعة وهو منسق عام «الجمعية الوطنية من أجل التغيير» والتي دشنها الدكتور محمد البرادعي بعد أيام من وصوله إلى القاهرة الشهر الماضي، وعضو الجمعية القيادي البارز في حركة «كفاية» جورج اسحق وعدد من رجال القانون وقادة في أحزاب صغيرة. وغاب عن الحضور جماعة «الإخوان المسلمين» والحزب الوطني الحاكم. ورصدت «الحياة» حضور وزير الخارجية السابق أحمد ماهر. وكان الدكتور البرادعي الغائب الحاضر على فاعليات المؤتمر، إذ دعا عدد من الحاضرين إلى تنسيق فاعل بين الأحزاب والبرادعي بهدف توحيد الصف، الأمر الذي دعا رئيس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الأمين العام السابق لحزب التجمع حسين عبدالرازق إلى تأكيد أن الأحزاب الأربعة تمد يدها إلى القوى الوطنية كافة ومن ضمنها الجمعية الوطنية للتغيير التي يقودها البرادعي، من دون أن يسميه، بهدف الحوار والتنسيق خلال الفترة المقبلة من أجل توحيد التحركات والأفكار في مواجهة الحزب الوطني الحاكم. وشهدت جلسات المؤتمر أمس احتدام الخلافات بين عدد من الحاضرين، إذ هاجم القيادي في «كفاية» جورج اسحق المجتمعين في المؤتمر مؤكداً أن التغيير لن يأتي من هذه القاعة حيث عقد المؤتمر في أحد الفنادق الكبرى في القاهرة بل بالنزول إلى الشارع والتوافق مع رغبات الناس. وقال اسحق في مداخلته «لا نتحدث عن حالة الطوارئ في شكل حقيقي أو جدي من أجل إحداث تغيير». وتساءل «في حال عدم استجابة الحكومة لطلباتكم، فماذا أنتم فاعلون؟». وقاطع القيادي في الحزب الناصري محمد عبدالدايم الجلسة وطالب بضرورة أن تتاح الفرصة للناصريين ليقدموا مداخلاتهم خصوصاً أن الكلمة لم تتح إلا لأعضاء الوفد والتجمع فقط، الأمر الذي أدى إلى شبه حالة من التذمر على مستوى المشاركين. وأكد نائب رئيس الحزب الناصري الدكتور حسام عيسى أنه يقف مع الدكتور البرادعي على رغم الاختلاف في الأيديولوجيات. وشدد على ضرورة أن تفتح الأحزاب أبوابها لإجراء حوار معه، في حين قال الدكتور أسامة الغزالي حرب «إننا مع الدعوات التي تهدف إلى الإصلاح والتغيير». وأشار رئيس حزب الوفد الدكتور محمود أباظة إلى أن الأحزاب ستسعى في جلسة اليوم (الأحد) إلى صوغ رؤيتها في تعديلات دستورية وتشريعية تضمن انتخابات تشريعية نزيهة وحرية أكبر في إمكان الترشح على مقد رئاسة الجمهورية. وأوضح أباظة في تصريحات خاصة إلى «الحياة»: «هذه التعديلات تضم المادة 88 والمتعلقة بالإشراف على الانتخابات... فنحن نطالب بأن ينص الدستور على وجود هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات مكونة من قضاة رفيعي المستوى، هؤلاء القضاة يقومون باختيار 4 من الشخصيات العامة المشهود لهم بالحياد، على أن تنتقل إلى هذه الهيئة القضائية اختصاصات إدارة العملية الانتخابية برمتها، كما نطالب بأن يفصل في الطعون على نتائج الانتخابات المحكمة الدستورية العليا (أعلى سلطة قضائية)». وأشار إلى أن «المؤتمر سيطرح أيضاً أفكاراً وطروحات في شأن تعديل المادتين 76 و77 من الدستور. فنحن نرى أن النظام الجمهوري يقوم على قاعدتين: الأولى أن تكون مسألة الترشح للرئاسة مفتوحة لجميع المواطنين. وهذا معناه أن نضع شروطاً تضمن جدية الترشح، لكن لا تكون مانعة، كما أننا نطالب بأن تكون فترة الرئاسة لمدتين فقط بحيث ينتقل الرئيس من خانة الحاكم إلى خانة المحكوم». وأشار أباظة إلى أن المحور الثالث «في ما نطرحه من تعديلات يكمن في إعادة التوازن بين السلطات في البلاد»، معتبراً أن ما تعانيه البلاد الآن ناتج من «تركيز السلطة الشديد في يد رئيس الدولة». وانتقد سكرتير عام حزب الوفد منير فخري عبدالنور غياب الحزب الوطني عن الحضور، وقال ل «الحياة»: «دعونا نحو 15 من القادة البارزين في الحزب الحاكم ولم يحضر أحد»، معتبراً أن غياب قادة الوطني يؤكد أن الحزب الحاكم «لا يريد أن يستمع إلى أحد ولا يريد أن يتحاور». وقال «سنسعى خلال الفترة المقبلة إلى حشد الرأي العام ونشر ما نطرحه وسنسعى بقوة إلى الربط بين الإصلاح السياسي والدستوري ولقمة العيش». وشدد على مسألة المواطنة، وقال «نضع تحت هذه الكلمة 10 خطوط حمراء»، في إشارة ضمنية إلى رفض التنسيق مع جماعه «الإخوان». وكان رئيس الوفد الدكتور محمود أباظة افتتح فاعليات المؤتمر بكلمة أكد فيها أن الأحزاب الأربعة لا تدعي أنها تحتكر الحقيقة وإنما ستطرح رؤيتها وتسعى إلى حوار مجتمعي للتوافق على ما تطرحه، في حين طالب رئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد في كلمته بضرورة أن تستند التعديلات الدستورية إلى مصالح الجماهير القومية من أجل أن يكون تغييراً للأمام، مؤكداً في الوقت ذاته أن معركة التغيير الدستوري بدأت منذ نهاية سبعينات القرن الماضي. وقال إن التغيير إذا لم يكن صادراً من الشارع «سنجد أنفسنا أمام نموذج مكرر من التجربة الإيرانية». في حين شدد رئيس حزب الجبهة الدكتور أسامة الغزالي حرب على ضرورة أن تبدأ البلاد إجراء اصلاحات دستورية تعيد التوازن بين السلطات.