تفاقمت ظاهرة احتراف التسول في تونس، بحيث صار من الصعب على فاعل الخير التمييز بين السائل المحتاج فعلاً إلى المساعدة، وبين ذلك الذي يدعي العوز لأنه وجد في هذه "الحرفة" مهنة سهلة. غير أن ذلك لا ينفي أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في عدد من البلدان العربية دفعت الكثيرين إلى مد اليد بسبب الحاجة، بعدما استنفدوا كل السبل التي تحفظ لهم العيش الكريم. هذا الأمر يؤكده الباحث في علم الاجتماع شهاب اليحياوي معلقاً على تفاقم ظاهرة التسول أخيراً، ويقول إن «هناك واقعاً جديداً بعد الثورة، واقع الانفلات وغلاء المعيشة وانحسار آفاق التشغيل وازدياد نسبة البطالة، وأيضاً ازدياد الفجوة الكبيرة بين المؤهلات وبين ما تطلبه سوق العمل». في المقابل، تعتبر مديرة الدفاع الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية نعيمة الجلاصي العابد أن الدولة تقوم بما عليها، وتؤكد «وجود منظومة في وزارة الشؤون الاجتماعية تغطي 80 في المئة من البلاد لمراقبة المهددين بالانحراف والاستغلال». أما الناشط في المجتمع المدني أيمن الشريف، فيبدو موقفه أكثر حدة. إذ يرى أن «التسول في تونس منظم، هناك عصابات تشرف عليه، ويأتون كل صباح بالنساء والأطفال ويوزعونهم في مناطقهم، وبحلول المساء يجمعونهم ليتقاسموا النقود معهم». وأضاف أن «هناك مجموعات أخرى تعمل بصفة فردية، لكنها تواجه مضايقات من المجموعات المنظمة، خصوصاً في المناطق الحية». ويربط كثيرون الظاهرة بالبطالة والأزمة الاقتصاديّة المتفاقمة في البلاد منذ ثورة 17 كانون الأول (ديسمبر)، مروراً بحكومة «النهضة» والعمليات الإرهابية التي أدت إلى تردي قطاع السياحة في تونس، وخسارة عدد كبير من التونسيين وظائفهم. وتتركز 83 في المئة من الاستثمارات التونسية في منطقة الساحل الشمالي، بينما تتوزع 17 في المئة من هذه الاستثمارات في مناطق الجنوب والغرب التونسي لهذا ترتفع معدلات الفقر والبطالة في هذه المناطق.