«ليس سوى قلم» بهذه العبارة رد الطبيب «الوهمي» على الشاعر وهو يجس ألمه، فأجابه الأخير: «لا يا سيدي... هذا يدٌ وفم، رصاصة ودم، وتهمة سافرة... تمشي بلا قدم». السؤال: هل يتفاوت إدراك الكتّاب المحليين لقيمة ما يحملونه بين أصابعهم؟ استقطاب الصحف للكتّاب يعتبر مهمة صعبة، بحسب رؤساء ومسؤولي التحرير في الصحف السعودية، لكن هل الصعوبة تكمن في التفاوض معهم في الشق المادي أم مساحة الحرية؟ نقطة أخرى تطرح ذاتها، وهي مدى تقدير كاتب الرأي في السعودية لمسؤولية قلمه، وعدم استغلاله لمصالح شخصية، وتوجيهه لخدمة المجتمع والوطن؟ على صعيد العلاقة بين الكاتب ومسؤول الصحيفة، يبدو أن «حساسية مفرطة» تنظم علاقتهما، فالكاتب يرفض الإساءة إلى مقالاته أو إيداعها في أحد الأدراج بعيداً عن ورق الصحيفة، والمسؤول ينظر إلى الأمر بعين الناقد الحريص على مصلحة المؤسسة التي يعمل بها. هذه «الحساسية» قد تسهم في انتقال الكتّاب من صحيفة إلى أخرى، هرباً من ديكتاتورية المقص، أو زاوية يراها تضيق عليه، على رغم أن الانتقال قد يتسبب في ضياع شريحة من القراء على الطرفين، خصوصاً الكاتب. واختلف الكتّاب ومسؤولو التحرير في الحلقة الثانية من الملف الذي تفتحه «الحياة» عن علاقة أولي الأقلام ب«كرسي التحرير»، فمنهم من يرى أن الكرسي ليس المشكلة بل من يجلس عليه، في حين يؤكد مسؤولون في صحف أن كتّاب الرأي هم الحصان الرابح للصحف، وأن رأي الكاتب مغلّب على رأي الصحيفة. واعتبر بعضهم أن كتّاب الرأي هم «تيرمومتر» الصحيفة الحقيقي، فهو الذي يعكس مدى صدقيتها وانفتاحها ومساحة الحرية التي تصول وتجول ضمنها، في حين يختلف مسؤولو التحرير في مدى الحرية الممنوحة للكتّاب، ويمارسون صلاحياتهم بواسطة «صمامات من المطاط».