تفاوتت معايير استقطاب الكتاب لدي القياديين في الصحف المحلية، وتنوعت بين نجومية الكاتب وجماهيريته، وعلاقاته الشخصية بمسؤولي الصحيفة، وقوة طرحه وتفاعل القراء معه إذا يرى بعض المسؤولين في الصحف أن اختيار كتاب الرأي يخضع لنظرة شخصية وأحادية، ويفتقر للمعايير المهنية لكاتب. وأشاروا إلي أن معظم الصحف السعودية لا يوجد لديها توصيف مؤسساتي للوظائف الموجودة لديها، وهو ما يجعل عملية اختيار كتاب الرأي فيها خاضعة لتقديرات الأشخاص القائمين عليها. فيما يعتمد الكتّاب في تنقلاتهم من مطبوعة إلى أخرى على عاملين أساسيين، إما العرض المادي الأفضل، أو هرباً من «ديكتاتورية المقصات»، باحثين عن مساحات حرية أكبر. في حين أكد آخرون وجود معايير وأسس لاختيار كتاباهم، وقالوا إن أسلوب الكاتب في الطرح وملامسته لهموم الناس وتفاعل القراء معه، يعدان أهم المعايير لاستقطابه. وقال رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» محمد التونسي ل«الحياة»: «إن من أهم ما يجب توافره في الكاتب أن يكون كاتباً صحافياً وليس كاتباً فقط، فالأول له قدرة كبيرة على ملامسة هموم الناس ومعالجتها بالجملة الرشيقة والطرح المباشر والقدرة على التحكم في عدد الكلمات بما يخدم الفكرة». وأكد في الوقت ذاته أن غالبية الصحف لا تحكمها العلاقات الشخصية في اختيار كتابها، وقال: «هنالك مسؤولون لصفحات الرأي يعملون على متابعة الكتاب ومدى تفاعل القراء معهم والرسائل الالكترونية ورسائل الجوال التي تصل لك كاتب ومنها يتم تقويمهم، وعندما لا نجد مكاناً لكتاب بين قرائه يتم الاستغناء عنه». وأشار إلى وجود حوار بين الكاتب وصحيفته في حال وجود اختلاف في الرأي حول مقال معين لكاتب ما، «رأي الكاتب غالباً ما يؤخذ به، لا سيما أن سياسية الصحف عدم توجيه الكاتب واحترام رأيه في ما يطرحه من قضايا». وفي المقابل، يرى رئيس تحرير صحيفة «المدينة» الدكتور فهد آل عقران أن شعبية الكاتب ونجوميته عاملان رئيسيان في استقطاب الكتاب، وقال ل«الحياة»: «في الغالب يتم التفاوض مع الكتاب بطريقة العرض والطلب، إذ تفرض نجومية الكاتب وشعبيته على الصحيفة استقطابه، إضافة إلى أهمية أن يتماشي خطه في الطرح مع خط الصحيفة بحيث يكون وجوده إضافة لها». ولفت إلى أن آلية التفاوض يحكمها تخصص الكاتب «في الغالب تفضل الصحف استقطاب كتاب لنوعية كتاباتهم وتخصصهم بما يحقق لها التوازن المطلوب في الطرح»، مؤكداً أن التفاوض مع الكتاب أصعب بكثير من التفاوض مع الصحافيين، ولا سيما أن غالبية الكاتب يفضلون الكتاب في صحفهم حتى لا يفقدوا قراءهم، ولا سيما أن كثرة تنقل الكاتب تفقده عدداً من قرائه». ويرى مسؤول صفحات الرأي في صحيفة «المدينة» الدكتور عبدالرحمن العرابي أن غياب العمل بنظام مؤسساتي في غالبية الصحف السعودية أوجد تفاوتاً كبير في استقطاب الكتاب للصحيفة، ولا سيما أن بداية الصحافة السعودية كانت صحافة رأي ومثقفين، ومع تطور الصحافة السعودية أصبح هناك مهنية لدى غالبية الصحف في طرق استقطاب والتفاوض مع كتابها. وقال ل«الحياة»: «اليوم، هناك صحف عدة تتفاوض مع الكتاب بطرق مدروسة، عبر تقديم العرض وكتابة عقود معهم، في حين كان الكاتب في الماضي يكتب دون عرض من الصحيفة والمقابل المالي هو عرف صحافي فقط». وأضاف: «افتقدنا العمل المؤسساتي في بعض الصحف السعودية، واليوم أصبح وجود الكاتب في بعضها مرهوناً على العلاقات الشخصية بغض النظر عما يكتب، في حين تتحكم شهرة الكاتب في استقطابه، وكذلك عضوية الكاتب في مجلس إدارة الصحيفة يفرض وجودة في صفحات الرأي بها». ولفت إلى طرق استقطاب الكتاب مختلفة، إذ يمكن أن يتحول كاتب في صفحة بريد القراء إلى كاتب زاوية رئيسي في الصحيفة، وقال: «هنالك صحف تسعى لاكتشاف كتاب جدد ومواهب وهذا وظيفة مسؤولي الرأي». وأشار إلى أن طرق الاستقطاب تختلف، فمنهم من يعتمد على الإغراء المادي لمقدم الكاتب، وهذا يكون لكاتب في صحف منافسة، العرض منه جذب الكاتب وإضعاف الخصم».