شاركت شركة «أرامكو السعودية» ممثلة في رئيسها كبير الإداريين التنفيذيين المهندس أمين الناصر في العاصمة الفرنسية باريس أمس، مع تسع شركات نفط كبرى في العالم في توقيع بيان مشترك وإطلاق تقرير حول الجهود الكثيفة والتعاونية في مواجهة ظاهرة التغير المناخي بعنوان «مبادرة المناخ لشركات الزيت والغاز»، وذلك في إطار المساعي الدولية التي ستتوج في نهاية هذا العام بالدورة ال21 لمؤتمر الأممالمتحدة «مؤتمر الأطراف 21» بشأن تغير المناخ. وتشكل الشركات العشر المجتمعة معاً قرابة خُمس الإنتاج العالمي، من الزيت والغاز، وهي أرامكو السعودية، و«بي جي قروب»، و«بي بي»، و«إيني»، و«بيميكس»، و«ريلاينس»، و«ريبسول»، و«شل»، و«ستات أويل»، و«توتال». وتعد المبادرة المناخية لشركات الزيت والغاز هي مبادرة طوعية يقودها كبار الرؤساء التنفيذيين لهذه الشركات، وتهدف إلى تشجيع الحلول العملية لمواجهة تحديات تغير المناخ، وذلك من خلال التعاون وتبادل أفضل الممارسات في هذا المجال. واتفق رؤساء الشركات العشر الأعضاء على التعاون في مجالات عدة، وعلى تعزيز الإجراءات والاستثمارات لإعطاء دفعة كبيرة في الجهود العالمية في مكافحة تغير المناخ، والحد من غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن قطاع الطاقة. وأكد الناصر في كلمة خلال حفلة التوقيع أن «أرامكو السعودية» كانت وستظل تقوم بدور ريادي في الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات، وستعزز إسهاماتها المستقبلية المرتبطة بمكافحة التغير المناخي بالتركيز على مجالات عدة، من أبرزها التوسع في تطوير التكنولوجيا والأبحاث والابتكار. وشدد الناصر على أن كفاءة الطاقة تمثل أولوية كبرى لضمان الاستدامة في أعمال الشركة وتعزيز موقعها العالمي الذي يتسم بالموثوقية العالية، ويعود في الوقت نفسه بالمنفعة على استدامة التنمية في المملكة العربية السعودية، ورأى في هذا الصدد أن الشراكات وآليات التعاون والحوار المتنوعة ضرورية كي يواجه العالم بشكل جماعي أحد أكبر تحديات القرن ال21 مثل ظاهرة تغير المناخ. وقال: «من هذا المنطلق نعتز بكوننا أحد الأعضاء المؤسسين لمبادرة المناخ لشركات الزيت والغاز، التي تسهم في جعل تلك الصناعة في طليعة الصناعات التي تقدم حلولاً عملية قيمة لمواجهة ظاهرة تغير المناخ، وفي الوقت نفسه توفر سبل الوصول لكميات كافية لبلايين البشر في المجتمعات كافة التي تحتاج إليها لتحقيق تطلعاتهم في التنمية والرخاء، والتأكيد أن النهج التقني الذي تقوده الصناعة هو الطريق الأمثل لتحقيق التقدم في هذا المجال». وعلى صعيد متصل، أطلقت أمس المبادرة المناخيّة لشركات النفط تقريرها المشترك بعنوان «طاقة أكثر وانبعاثات أقل»، الذي يسلط الضوء على الإجراءات العملية التي اتخذتها الشركات الأعضاء، ومن ضمنها أرامكو السعودية، للعمل على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن صناعة الزيت والغاز. وتتضمن هذه الإجراءات استثمارات كبيرة في مجالات الغاز الطبيعي، وحبس وتخزين الكربون، والطاقة المتجددة، إضافة إلى نشطات متعددة في مجال البحث والتطوير لخفض الانبعاثات. يذكر أن برنامج أرامكو السعودية لحماية البيئة تأسس العام 1963، وتم تصميم برنامج شامل لإدارة الطاقة في الشركة، وذلك للحث على أهمية وترشيد كفاءة استخدام الطاقة على المستوى الوطني، إضافة إلى مواصلة تحسين كفاءة الأداء في مختلف مرافق الشركة، ومن ضمن ذلك الاستعاضة عن محطات توليد الطاقة القديمة وذات الكفاءة المنخفضة بمحطات ومعامل جديدة ذات كفاءة وتقنية عالية، ما يساعد أيضاً في تحقيق وفورات كبيرة في الوقود المستخدم. وبالإضافة إلى ذلك، تساند الشركة برنامج كفاءة الطاقة السعودي الذي يهدف إلى تحسين الكفاءة في الاستخدام السكني والتجاري والصناعي والنقل. ويمثل الابتكار والتقنية المتقدمة عاملين حاسمين في استراتيجية أرامكو السعودية وسعيها نحو كفاءة أعلى، ومن أمثلة ذلك الحد من حرق الغاز، إذ تعد أرامكو السعودية رائدة الصناعة في الحد من حرق الغاز في المعامل، إذ انخفضت كمية الغاز المحروقة إلى أقل من 1 في المئة خلال الفترة الأخيرة، وهذه النسبة من بين الأقل في العالم. وعلى صعيد تقنية استغلال الغاز المصاحب لعمليات الحفر نشرت أرامكو السعودية العام 2014 تطبيق تقنية استغلال الغاز المصاحب لعمليات الحفر في 432 موقعاً للآبار لتحسين استخلاص الزيت والغاز، مما أسهم في استخلاص 7.6 بليون قدم مكعبة قياسية و415 ألف برميل من الزيت. وإلى جانب الوقود النظيف وكفاءة الوقود تعمل أرامكو السعودية على نطاق واسع في مشاريع البحث والتطوير المتقدمة، بما في ذلك مشاركات مع شركات لتصنيع السيارات في مجال كفاءة الوقود ومجال كفاءة الحرق في المحركات، وذلك لزيادة كفاءة السيارات في توفير الوقود وخفض التلوث والانبعاثات من المحركات وحبس وتخزين الكربون، إذ بدأت «أرامكو» في تموز (يوليو) الماضي، أول مشروع تجريبي تم في حقل العثمانية ومرافق الحوية لحبس غاز ثاني أكسيد الكربون وحقنه في المكمن لتعزيز استخلاص الزيت، وسيعمل المشروع على حقن 800 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً. كما استثمرت الشركة في تقنية التحفيز، بما في ذلك تقنية جديدة من شركة «نوفومير» تعمل على تطوير وسائط كيماوية قادرة على تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات قيمة مثل «البولي يوريثان». وتدرس أرامكو السعودية القيام بمشاريع لإنتاج 300 ميغاواط من الكهرباء عن طريق الرياح والطاقة الشمسية لتحل محل الوقود السائل في توليد الطاقة الكهربائية، كما تجرى الآن دراسة جدوى استخدام طاقة الرياح في معظم المعامل.