كشف تقرير إدارة الثروات والأصول الصادر لعام 2015 أن قيمة صناديق التقاعد العامة في دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 397 بليون دولار، ما يشكل حوالى ربع الناتج المحلي الإجمالي، في حين تبلع حصة كل مواطن خليجي 15 ألف دولار. وبحسب التقرير الذي أصدرته «إرنست ويونغ» خلال منتدى الصناديق في الشرق الأوسط 2015 أخيراً، فإن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تعمل على إعادة النظر في النماذج الحالية لصناديق تقاعد العامة والدولية لضمان استدامتها. وقال رئيس قطاع إدارة الثروات والأصول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «إرنست ويونغ»: «بلغت صناديق التقاعد العامة في دول مجلس التعاون الخليجي من المراحل الأولى في التطور والنمو، إذ إنه يتم استثمار ما يزيد على خمس هذه الصناديق في الأسهم المحلية. ولكن يعاني هذا القطاع من بعض التحديات الأساسية التي تتطلب إعادة التفكير ملياً في الاستراتيجية المتبعة». وأضاف أن أول هذه التحديات يتمثل في «استدامة صناديق التقاعد العامة للمواطنين، نظراً لحجمها المنخفض نسبياً، والتركيبة السكانية لدول مجلس التعاون، والفجوة بين مستويات المساهمة في الصناديق من جهة ومزاياها من جهة أخرى»، مشيراً إلى أن التحديث الثاني يتمثل في أن هناك اعترافاً متزايداً من العديد من أصحاب العمل أن مكافأة نهاية الخدمة التي يتلقاها الوافدون ليست كافية ولا مناسبة كبديل للمعاش التقاعدي». ويبّين التقرير أن حجم صناديق التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي منخفض نسبياً، مقارنة بصناديق تعويضات التقاعد المقدمة من أصحاب العمل في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، حيث أن قيمة الأصول المستثمرة في هذه الصناديق أعلى من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ حجم حصة الفرد أربعة أضعاف المعدل في دول مجلس التعاون الخليجي. وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية تتمتع بأكبر حجم أصول لتعويضات التقاعد، وتنقسم تلك الأصول بين المؤسسة العامة للتقاعد (للعاملين في القطاع العام) والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (للعاملين في القطاع الخاص)، وتشترك الهيئتان عادة بالاستثمار في الشركات، إلى جانب صندوق الاستثمار العام. وعلاوة على الاستثمار في عشرات الشركات الكبرى المدرجة، تقوم الهيئات بالاستثمار في شركات خاصة أيضاً. يذكر أن نحو 85 في المئة من أصول معاشات التقاعد تُستثمر خارج المملكة، وتديرها مؤسسة النقد العربي السعودي. وأوضح جورج قائلاً: «لمعالجة المخاوف في شأن استدامة هذا القطاع، سيتوجب على دول مجلس التعاون الخليجي إعادة النظر في سن التقاعد، ومزايا الصناديق ومتطلبات المساهمة. ويمكن لهذا أن يتطلب مزيداً من الرسملة للصناديق ومزيداً من الإصلاحات في المكافآت التقاعدية وسن التقاعد». وأضاف: «حيث تكون الوسائل المالية محدودة، من الممكن أن تتضمن الإصلاحات نظام ثلاثي المستويات، وهو نظام شائع بشكل متزايد في أماكن أخرى من العالم. ويجمع هذا النظام بين مساهمة حكومية كحد أدنى، ومساهمة إضافية من صاحب العمل، ومساهمة إضافية من الأفراد، إلا أنه من غير المرجح أن يحدث تحولاً كبيراً في هذا الاتجاه». وأشار إلى أنه من الممكن إجراء مزيد من الإصلاح المنهجي في البلدان الأكثر تقييداً مالياً، لإدراج عنصر تأمين تعويضات إضافي. ويمكن للتغييرات الأخيرة في قطاع الرعاية الصحية في دول الخليج، والتي تنطوي على تحول مطرد نحو التأمين الخاص، أن تشكل سابقة لهذه الإصلاحات». وحول الفرص المتاحة لصناديق التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي، سلط التقرير الضوء على ثلاثة محاور رئيسة يمكن أن يستفيد منها قطاع صناديق التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي، هي: مستويات جديدة من التنظيم والحوكمة، وخطط موسعة لمكافآت نهاية الخدمة، ومنتجات تقاعد متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وبين أنه بروز منتجات التقاعد الإسلامية في الآونة الأخيرة يعد تطوراً ذا صلة بالوافدين والمواطنين على حد سواء، ولضمان أن تكون المدخرات التقاعدية التابعة لخطط إسلامية، متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، فإنها بحاجة إلى أن يتم استثمارها في أصول متوافقة مع الشريعة الإسلامية. ومع ذلك، فقد أبدى البعض مخاوف بشأن التعويضات، التي يتم شراؤها عادة عند التقاعد باستخدام أموال صناديق التقاعد، بحيث تم ابتكار مفهوم الصكوك مدى الحياة كبديل متوافق مع الشريعة الإسلامية. وأعرب جورج عن اعتقاده بأنه: «سيكون هناك نقلة نوعية في طريقة التعامل مع مخصصات التعويضات التقاعدية في دول مجلس التعاون الخليجي في الأعوام المقبلة، وذلك لأن النظام الحالي قد يواجه صعوبة في تلبية حاجات سكان هذه المنطقة. ونحن نتوقع تغييراً في تحديد سن التقاعد لمواطني دول مجلس التعاون، وإجراء إصلاحات وتحسينات لخطط مكافآت نهاية الخدمة لجعلها أكثر ملاءمة لحاجات التقاعد الفعلية للعمالة الوافدة. وسيكون هناك الكثير من الفرص لمقدمي الخدمات المحليين في المنطقة، خصوصاً في مجال منتجات التقاعد الإسلامية».