أصابت المرحلة «الانتقالية» بين فصلي الشتاء والربيع التي تعيشها أجواء جدة حالياً، الطفل محمد سعيد (خمس سنوات) بمشكلات صحية في عينيه وأزمات ربوية حادة، وهو ما اضطر والده إلى اصطحابه إلى أحد المستشفيات في المحافظة، بيد أن الصغير وهو جالس مع والده في إحدى زوايا قسم الطوارئ، في انتظار الوصول للطبيب، لفت نظره اكتظاظ الموقع بالمرضى الذين يعانون نفس علاته، فشرع في إطلاق سيل من الأسئلة الطفولية نحو والده، حول اشتراك غالبية المنتظرين في الطوارئ معه في الأمراض نفسها، فيما الأب صامت لا يمتلك أي إجابة. وحين أزدادت وطأة تساؤلات الطفل على أبيه، اضطر « الأخير» أن ينقل استفسارات ابنه للطبيب المعالج بعد أن وصلا إليه، ولم يجد الاختصاصي الطبي صعوبة في تأكيد أن الاختلاف الجوي الذي يحدث خلال الانتقال من الشتاء إلى الربيع يتسبب في كثير من الأمراض للأهالي، منها على سبيل المثال حالات الحساسية التي تصيب كثيراً من الأطفال والبالغين والمشكلات الصدرية، و«الرمد الربيعي» الذي يعاني منه محمد ينتشر جراء انتشار الغبار والأتربة التي تجتاح كثيراً من المدن السعودية في هذا التوقيت. وقال الطبيب: «تزداد نسبة استقبالنا للمراجعين الذين يعانون من مشكلات في العيون والحساسية في هذا التوقيت من كل عام، ويعود ذلك إلى تقلبات الجو التي تعيشها الأجواء كافة، وعلى الأهالي تجنب الاقتراب من المواقع التي يثار فيها الغبار والأتربة، وغسل العيون بمياه نقية، إضافة إلى مراجعة الأطباء سريعاً في حال حدوث مكروه لا سمح الله». بدوره، حض مدير الشؤون الصحية في جدة الدكتور سامي بادود الأهالي على اتخاذ الحيطة والحذر من تقلبات الأحوال الجوية التي تعيشها المحافظة حالياً، مشيراً إلى أنها تتسبب في إصابة البعص بأمراض التحسس في الأنف، والرئتين وأزمات ربوية، نتيجة تعرضهم للأجواء المتقلبة والغبار. وذكر ل «الحياة» أن الأعراض التي قد تظهر في هذا التوقيت من العام التهابات حلقية وصدرية وارتفاع درجات الحرارة، مطمئناً الأهالي بأنه ليس لها علاقة بزيادة تفشي مرض أنفلونزا الخنازير. وأكد أن الصحة تركز في هذه الفترة على توفير البخاخات الخاصة بالحساسية والربو والأدوية وتدريب العاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية وأقسام الطوارئ بالمستشفيات، موضحاً أن الصحة خلال شهرين لم تسجل أي حالات وبائية أو أمراض تفشت نتيجة السيول التي اجتاحت المحافظة أخيراً. وبيّن أن حملة تطعيم شلل الأطفال التي كان من المفترض أن تنطلق بالتزامن مع بداية النصف الثاني من العام الدراسي أجلت لتبدأ الأسبوع الحالي، لافتاً إلى أنهم بدأوا في توعية الناس وإيضاح أهمية التطعيم، خصوصاً ضد أنفلونزا الخنازير «الذي بدأ يلقى تجاوباً جيداً من قبل المجتمع السعودي أخيراً». وفي السياق ذاته، أوضح مدير الإعلام بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القطاني أن أبرز تأثيرات اختلاف الأحوال الجوية تتمثل في الإصابة بالربو والحساسية في العيون، مشيراً إلى أن تلك المشكلات الصحية تبرز بجلاء في المرحلة الانتقالية من فصل الشتاء إلى الربيع. وأفاد أن السعودية تتعرض حالياً إلى منخفض حركي مقبل من حوض البحر الأبيض المتوسط مصحوب برياح نشطة سرعتها تصل إلى 55 كيلو متراً صاحبتها جبهة هوائية باردة أثارت الأتربة مسببة عواصف. متوقعاً أن تستمر الحالة إلى يوم غد. واستدرك قائلاً: «لكن ستنحصر حتى تصبح بدل عواصف ترابية عوالم ترابية، وتبدأ الرؤية بالتحسن أكثر فأكثر، وليس هناك توقعات عالية لهطول الأمطار»، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تتأثر المناطق الشمالية في الأيام المقبلة بها، مع توقع هطول أمطار من متوسطة إلى خفيفة على المناطق الشمالية والشمالية الغربية من السعودية.