على رغم استقبال الرئيس، باراك أوباما زعيم التيبيت الروحي، الدالاي لاما، في واشنطن، يبقى ما يمتحن العلاقات الصينية – الأميركية طي المستقبل. فالامتحانان الفعليان هما الملف النووي الايراني ومعركة تقويم سعر صرف العملة الصينية، اليوان. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، امتنع أوباما من لقاء الدالاي لاما لتفادي استياء بكين عشية زيارته الأولى الصين. واللقاء هذا مهم في ميزان المنفيين التيبتيين الذين يناضلون في سبيل تعزيز صلاحيات الحكم الذاتي في بلادهم، والاعتراف الدولي بقضيتهم في وقت بدأ التعاطف الدولي معهم يضعف على وقع تعاظم قوة الصين. وأي رئيس دولة كان ليجرؤ على استقبال حائز جائزة نوبل للسلام، الدالاي لاما، فكيف بتأييده لو أن رئيس الولاياتالمتحدة استجاب بتحذيرات بكين؟ والمصافحة بين النجمين السياسيين والإعلاميين، أوباما والدالاي لاما، قد ترفع حدة الجدال الدائر بين واشنطنوبكين. والنظام الصيني يعقل لغة القوة. فهو اعتقل، في الخريف الماضي، المعارض الصيني، وي جينغشينغ. ويرى النظام أن الحوادث الأخيرة تسوغ حدة خطابه. فبعد الإخفاق في التوصل الى اتفاق في كوبنهاغن، واختراق الصين مواقع شركة المعلوماتية «غوغل»، وبيع أسلحة اميركية إلى تايوان، يُنتظر أن يتعاظم التراشق الخطابي في مناسبة مناقشة قضية التيبيت، ومسائل حقوق الإنسان في الصين. وحريّ بواشنطنوبكين تجنب المبالغة في تأويل مترتبات التصعيد الخطابي. ففي اللحظة التي كانت بكين تهدد واشنطن بإجراءات انتقامية احتجاجاً على صفقة السلاح الاميركية - التايوانية، كان بحارة أميركيون يزورون ديزني لاند، في هونغ كونغ. وسمحت بكين للسفن الحربية الأميركية بالرسو في ذلك المرفأ الصيني. والإذن هذا يبعث على الدهشة. فالصين أعلنت تعليق تعاونها العسكري مع الولاياتالمتحدة احتجاجاً على بيع واشنطن الأسلحة إلى تايبيه. فهل تؤذن خطوة الحكومة الصينية، أي السماح للسفن الحربية الاميركية بالرسو في الموانئ الصينية، بنهاية التصعيد بين البلدين؟ فقد ترى بكين أن انتهاج التهدئة أسلم لها، واظهار نواياها الحسنة في ظل الارتباط الاقتصادي بين البلدين، يناسب الاثنين. وقد يمتحن، في المستقبل القريب، الملفُ الايراني النووي ومشكلةُ تسعير اليوان بأدنى من قيمته العلاقات الصينية – الاميركية. فإذا عرقلت بكين فرض مجلس أمن الاممالمتحدة عقوبات جديدة على طهران، لن تتوانى واشنطن عن إنشاء جبهة لعزل الصين على الساحة الدولية. وإذا بالغت الولاياتالمتحدة في الضغط على بكين لإعادة تقويم العملة الصينية، فقد لا تتردد الصين في انتهاج سياسات حمائية لتحمي اقتصادها ومصالحها الحيوية. * صحافي، عن «لوتان» السويسرية، 18/2/2010، إعداد حسام عيتاني