قال الرئيس نيكولا ساركوزي إنه أثار خلال محادثاته مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مبادرات رفض الكشف عنها قبل إجراء الاتصالات اللازمة لمعرفة إمكانية نجاحها. وحذر خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده في ختام المحادثات مع عباس في قصر الإليزيه من أن غياب التفاوض، سواء كان هناك مؤتمر للسلام أم لا، «يجعلنا أمام خطر مواجهة انتفاضة ثالثة». ولفت الى أن فرنسا تعمل «يداً بيد مع الولاياتالمتحدة»، وأن الوضع في الشرق الأوسط سيكون في صلب محادثاته خلال زيارة الدولة التي دعاه الرئيس باراك أوباما للقيام بها الى الولاياتالمتحدة في أواخر آذار (مارس) المقبل. وتابع: «أضعنا الكثير من الوقت، ولا بد من التحرك، وإن لم نفعل فإنها الكارثة، ولا أرى ما هي الأخطار التي نقدم عليها بتحركنا». وأكد دعم فرنسا «الكامل والتام» لعباس بوصفه «الممثل الشرعي للفلسطينيين ورجل سلام تدعمه في شكل حازم». وأضاف أن الكل يعرف عناصر الحل، وهي تتمثل بدولتين، على أن تكون القدس عاصمة للدولتين، وأن تكون حدود عام 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية، وأن تكون هناك مفاوضات على اللاجئين. وشدد على أن فرنسا ملتزمة إنشاء دولة فلسطينية قابلة للعيش وحديثة، وأن ضمان أمن إسرائيل هو أيضاً محور اهتمام أساسي. وعبر عن اعتقاده بأن توقف المفاوضات يعزز التطرف ويزعزع الساعين لبناء السلام، وأنه ووزير خارجيته برنار كوشنير يعتبران أن معاودة المفاوضات مسألة ملحة. وعن اللغط الذي أثير في فرنسا عن تصريح كوشنير بأن باريس مستعدة لتأييد الدولة الفلسطينية بمعزل عن التفاوض على الحدود، قال ساركوزي إن كوشنير تساءل عن حق عن سبب تأخر الأمور. وأوضح أن موقف فرنسا بسيط «فنحن نريد دولة فلسطينية قابلة للعيش وديموقراطية وتعيش جنباً الى جنب مع إسرائيل ... وليس مجرد فكرة». وأضاف: «في تصريح كوشنير، كان هناك احتمال مستقبلي بقوله اذا لم نتوصل الى ذلك يمكن ان نطرح سياسياً، في الوقت المناسب، بالاتفاق مع اصدقائنا الفلسطينيين، فكرة هذه الدولة وإعطاء دفعة اضافية نوعاً ما». وأوضح: «إلا ان نقطة الوصول هي دولة فلسطينية في حدود 1967 في مقابل اراض كما قيل دائماً». ورداً على سؤال عن احتمال اعلان الفلسطينيين قيام دولتهم من جانب واحد، قال الرئيس الفرنسي: «عندما يأتي الوقت، سنرى ما سنفعل». ورداً على سؤال عن تداعيات اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح، قال ساركوزي إنه تناول الموضوع مع وزير خارجية الإمارات العربية و«أبلغته إدانة فرنسا الواضحة للاغتيال». وأضاف أن التحقيق أظهر استخدام المجموعة التي نفذت الاغتيال جوازات سفر مزورة أحدها فرنسي، وأن القائم بالأعمال الإسرائيلي استدعي الى وزارة الخارجية في إطار هذه القضية. وتابع ان فرنسا تدين بلا مواربة كل الاغتيالات، وتعتبر أن ليس هناك ما يبررها أبداً، خصوصاً على أراضي الإمارات، وهي بلد يسعى الى السلام والتقارب والتعاون، مضيفاً أن التحقيق سيظهر من وراء الاغتيال، علماً أن هذا النوع من الأعمال لا يمكن إلا أن يعزز التوتر، مشدداً على فرنسا بلد ديموقراطي وليس بوسعها القبول بذلك. من جانبه، شكر عباس الرئيس الفرنسي على دعمه الشديد، وأشاد بالدور الذي لعبته فرنسا على صعيد البيان الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، معتبراً انه الموقف السياسي المطلوب على رغم التعديلات التي أدخلت عليه. ورأى أن مضمون هذا البيان يمكن أن يبنى عليه وأن يعمم بحيث لا يكون موقفاً أوروبياً فقط، بل أيضاً موقف المجموعة الرباعية الدولية. موقف كوشنير من الدولة «شخصي» وفي لقاء عقده مع الصحافة العربية في فندق «موريس»، كشف عباس أن الموقف الذي عبر عنه كوشنير في شأن إعلان الدولة الفلسطينية قبل التفاوض على الحدود، موقف شخصي للوزير الفرنسي. ودعا العالم الى عدم «إحباط الشعب الفلسطيني وعدم إفقاده الأمل، ورأى أن الأمل لا يزال قائماً بالمسار التفاوضي على رغم وجود عقبات، وقال ان هناك أيضاً تفكيراً من الجامعة العربية في التوجه الى مجلس الأمن، وهذا الموضوع سيناقش في القاهرة في 3 آذار (مارس) المقبل. ونفى ان يكون هدد بالاستقالة من منصبه «بل قلت إنني لن أرشح نفسي للانتخابات، وأنا مصمم إذا جاءت الانتخابات، وأرجو أن تأتي، في 28 حزيران (يونيو) المقبل وفقاً للمبادرة المصرية، وإذا تمت المصالحة، على عدم الترشح». وأشار الى أن التقرير الذي وضعه المبعوث الأميركي جورج ميتشل عام 2001، يتضمن وقف الاستيطان، لكن مع الأسف الشديد فإن ما أعلنه الرئيس باراك أوباما، وهو موقف دولي، لم يتحقق «وهذه مسألة أزعجتنا فعلاً». لكنه أضاف أنه ما زال هناك أمل للرئيس أوباما والإدارة الأميركية باتخاذ مواقف أقل انحيازاً، وأن الجانب الأميركي طلب بأن تكون هناك مفاوضات غير مباشرة عن قرب، لكن سبق لميتشل أن قام بمثل هذه المهمة، معتبراً ان مهمته في إطار المحادثات الجديدة هي متابعة هذا الدور. وقال الناطق الرئاسي نبيل أبو ردينة ل «الحياة» ان هناك رضوخاً اميركياً كاملاً للموقف الإسرائيلي القائل بأنه ليس بالإمكان حل القضية الفلسطينية قبل حل موضوع الخطر الإيراني. وأضاف أن عباس ابلغ مستشار الأمن القومي الأميركي جيم جونس الذي اتصل به ليل اول من امس، بأن الجانب الفلسطيني سيبلغ واشنطن موقفه من المفاوضات بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب المقبل في القاهرة.