على رغم أن الجو ممنوع على الفلسطينيين بقرار من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن شباناً وفتيات بلباس عسكري، يقتحمونه، عبر فريق القفز الفلسطيني، الذي يشكل حالة وطنية وليست شبابية فقط. وتأسس فريق القفز الحر المظلي الفلسطيني في حزيران (يونيو) من العام 2012، وهو يتبع جهاز الأمن الوطني الفلسطيني (الجيش)، بمبادرة من رئيسه اللواء نضال أبو دخان. ويقول رئيس الفريق النقيب الشاب عبد اللطيف أبو عرة: كانت البداية تبدو وكأنها ضرباً من ضروب الخيال، أو مجرد حلم، لكن الفريق اليوم حقيقة تتجسد على أرض الواقع... أول تجربة لنا كانت لخمسة من الشبان في إسبانيا اجتاز اختبار القفز ثلاثة منا بنجاح حينها، ثم تابعنا المشوار والتدريبات في العديد من الدول، من بينها روسيا، وجنوب أفريقيا، وإيطاليا، وغيرها، ونحن اليوم خمسة ضباط، جميعنا من «قافزي القفز الحر». وأشار أبو عرة إلى أن أعضاء الفريق «يتدربون على مختلف أنواع القفز الحر، ومن بينها: قفز التشكيلات، وقفز دقة الوصول إلى الهدف، وتشابك المظلات، وغيرها من أنواع القفز المظلي، مع الانحياز في التدريبات إلى قفز الدقة، كوننا عسكريين، وهذا النوع من القفز هو الأقرب إلى مجال عملنا»، مشيراً إلى أن هذا النوع ليس سهلاً، ويعد من بين أصعب أنواع القفز، إذ على المظلي القفز من الطائرة نحو الهدف الذي هو في التدريبات عبارة عن جسم دائري قطره 2 سم فقط، «وكان صعباً بالنسبة إلينا، بخاصة أن مشاركتنا في المسابقات الدولية تكاد تكون معدومة إذا ما قيست بالمظليين والقافزين من الدول الأخرى على المستويين العربي والعالمي، فأكثرنا في رصيده ما لا يزيد على مئة وخمسين قفزة، بينما غيرنا من المشاركين في بطولات القفز لا يقل رصيد الواحد منهم عن أربعة آلاف قفزة». واللافت أن جهاز الأمن الوطني الفلسطيني بدأ، أخيراً، تأسيس فريق نسوي للقفز، وهي تجربة متميزة على المستوى العربي، فلا فريق قفز لمظليات إناث إلا في المملكة المغربية، بالتالي يأتي الفريق النسوي الفلسطيني للقفز ليكون ثاني فرق القفز الأنثوية العربية. ووجدت الملازم المظلية سمر ثوابته، أن هذا الفريق تجربة متميزة، ولا يقل أهمية عن الفريق الأساسي للرجال. وقالت: «أثبتنا أننا قادرات على ذلك، وفريقنا ليس مجرد نوع من الترف، بل ركن أساس في هذا الفريق جنباً إلى جنب مع إخوتنا من الرجال»، لافتة إلى أن العنصر النسوي في فلسطين يكاد يقتحم المجالات كافة. وشاركت ثوابته في التدريبات الأخيرة في جنوب أفريقيا في حزيران (يونيو) الماضي، واستمرت قرابة الثلاثة أسابيع، واصفة إياها بالتجربة المتميزة، على رغم الرهبة التي رافقتها في البداية «فالهبوط عن ارتفاع 12 ألف قدم ليس بالأمر السهل، بخاصة إذا ما إخذنا في الاعتبار أن درجات الحرارة كانت حوالى 17 درجة مئوية تحت الصفر، وعلى رغم هذه الظروف الصعبة، نجحنا في خوض هذه التدريبات. وعبرت ثوابته عن مشاعرها المختلطة كونه يمكنها ممارسة القفز في العديد من دول العالم، من دون فلسطين، وتقول: «نحن ندرك أن فلسطين تحت الاحتلال، وتعاني من حصار في أكثر من اتجاه بسبب هذا الاحتلال، وبالتالي هناك غصة بأننا محرومون من القفز من سماء فلسطين إلى أرضها، ولكن آمل بأن يتحقق لي ذلك، وأن أقفز قريباً من سماء بلدي إلى أرضها، ومن طائرات فلسطينية». وشاركت ثلاث فتيات، بينهن ثوابته، في تدريبات القفز الأولى بالنسبة إليهن في جنوب أفريقيا، تجاوزت اثنتان منهن التدريبات بنجاح، وباتتا عضوين في فريق القفز المظلي الحر الفلسطيني، لافتة إلى أنها وزميلتاها كن يتمتعن بروح معنوية مرتفعة، وإصرار كبير، فلى رغم أنها التجربة الأولى، معبرة عن أملها بأن يتمكن فريق القفز الفلسطيني بشقه النسوي من المشاركة ببطولات قفز دولية، والحصول على مراتب تعزز حضور فلسطين في هذا المجال، جنباً إلى جنب مع الذكور الذين كانوا النواة الأولى للفريق. وفي هذا الإطار شدد النقيب أبو عرة، على أن التدريبات تتواصل للخروج في المسابقات الدولية من دائرة «شرف المشاركة»، إلى منصات التتويج، بخاصة أن المستوى في تحسن، «فمشاركتنا في بطولة الرياضات العسكرية في بولندا، أخيراً، كانت أفضل بكثير من أول مشاركة لنا قبل عامين في مسابقة في المملكة المغربية، وبعدها في المملكة العربية السعودية».