بين زحام الشوارع وأصوات أبواق السيارات، في كل حارة وحارة أطفال يلعبون هنا وهناك، في كل قميص ممزق يعاني الفقر، ومع كل معدة ممتلئة يضرب بها مثلاً لشدة الغنى، الكل يتجول في تلك الزقاق والحواري، يتماشى قليلاً ويعود عقله للوراء ما بين الحاضر والماضي، كثيراً ما نتابع في شوارعنا حلبات المصارعة الحرة، ولكن المختلف عنها تلك التي نتابعها في التلفاز، إذ إنها بلا أي قوانين ومسموح فيها بجميع أنواع الأسلحة، كالسكين والسواطير والعصي وما إلى ذلك حتى تنتهي بالمسدس. يؤسفني أكثر أنه – أحياناً - من يقوم بمثل هذه المهاترات بعض «الشيّاب» الذين بلغوا من الشيب الكثير، ولم يبق لهم من العمر سوى القليل من الذي مضى، وهذا كله بمشيئة الله عز وجل، الغريب في هذا «الشايب» عندما يقوم بضرب شاب لم يتجاوز ال «20» عاماً من عمره ليدخله «العناية المركزة» لسبب لا يمكن ان يتصوره احد، ألا وهو «الفزعة»، والأدهى عندما يكون هذا الشاب مقبلاً على زفافه بعد أسابيع عدة، هنا ما موقف زوجته وما موقف عائلته وحسرة والدته ووالده، بعد أن دخل هذا الشاب في صراع الحياة والموت. أي شايب هذا يقتدي ب «أندرتيكر» فعلاً إنه «الحانوتي» الذي نراه قادماً بشكله المرعب ليقوم بفعلته الشنيعة، ظناً بأنه سيأخذ اسماً قوياً في هذه المشاجرة، وبصراحة لا أخفيكم سراً لن ألوم هؤلاء الشباب وحتى الأطفال إن شاركوا في مثل هذه المسابقات التي لا موعد لها ولا حكم بها، لأنني لا أدري من أين أتى هذا العنف لشبابنا، وللأسف نسي هذا «الأندرتيكر» بأن القرار الحكيم لا يخرج إلا من فمه حتى يساعد ويعاون المجتمع في محاربة «عنف الشوارع»، وهو ليس بأول مسن، فهناك الكثير منهم يتجولون في الشوارع والزقاق، أنا لا أهاجمهم ولكن أتمنى أن يكونوا جنوداً للمجتمع بحكمتهم ومحاولة تهدئة أوضاع شبابنا في الشوارع بالكلمة الطيبة والحكمة والموعظة الحسنة. علموا أطفالنا وشبابنا وشيوخنا بأن الشديد ليس بالقوة والصرعة... علموهم بأن الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب... علموهم بأن هذه الحارة ملك للجميع، كما أن الحارة في المدينة الأخرى ملك أيضاً للجميع... علموهم بأن نكون أسرة واحدة نتحمل اخطاء بعضنا البعض ونتوارى عن بعضنا البعض... علموهم كيف نرتقي بالفكر الصحيح والسليم وليس بحلبات المصارعة... وذكروهم في النهاية كم من أناس رحلوا عن هذه الحياة والسبب تافه لا يستحق الذكر تحت مسمى «الرجولة». [email protected]