بدأ مزارعو الأحساء قبل أيام، موسم تلقيح النخيل، أو ما يعرف ب«التنبيت»، الذي يتزامن مع بدايات نجم «سعد الذابح»، وربما قبل ذلك بأسبوعين أو ثلاثة، إذ يتم البدء بالتلقيح للنخيل «البواكير». ويسبق موسم «التنبيت» مرور النخلة بمراحل عدة، كي تكون في حال جيدة. وتترك النخلة، ومنذ انتهاء موسم الصرام، لمدة 120 يوماً، كي تكون جاهزة لموسم التلقيح، وتبدأ بعدها عملية «العمار» للنخلة، أو ما يعرف لدى المزارعين ب «الندار» و»التحويض»، وهي تنظيف التربة وتزويدها بالسماد. ثم تبدأ عملية «شحط وبط» النخلة، والأولى هي نزع الخوص اليابس، فيما الثانية قطع «الكرب» من النخلة، تليها مرحلة «الجنامة»، وهي نزع الشوك من سعف النخلة، سواء باليدين، أو المحش، كي تكون جاهزة للتنبيت. ويتم تلقيح النخيل ب «النبات»، الذي يؤخذ من ذكر النخيل (الفحال)، ويعرف عند المزارعين ب «السف»، الذي يؤخذ منه ثمانية إلى تسعة «شماريخ»، وتوضع في «الهرا»، بعد أن ينفتح اللحاء، وتوضع تلك «الشماريخ» في الوسط، وتغطي بعدها بالليف، وتربط بالخوص، ويصبح بعدها «عذقاً». وتتراوح قيمة السف بين 50 إلى مئتي ريال، ففي البداية يكون رخيصاً، لأن عدد النخيل التي ستنبّت «تُلقح» قليلة. ولكن حين يبدأ تنبيت رطب «الخلاص» فإن سعره يرتفع ليصل إلى مئتي ريال، نظراً لكثرة أعداد نخيل الخلاص. وأول ما يبدأ تنبيته من النخيل «الطيار»، ثم «الغر»، و»المجناز»، و»الشيشي»، و»الشبيبي»، و»الخنيزي». ويأتي بعدها «الخلاص»، و»الشهل»، و»أم رحيم»، و»الخصاب»، و»الهلالي». وتكون عملية التنبيت بطريقتين، الأولى يكون بعض أنواع «السف» بودرته كثيرة، فتؤخذ تلك البودرة، وتوضع في قطعة قماش، ويتم ضرب القماش على عذق النخلة، بحيث يسقط جزء من البودرة داخله، وبذلك تتم عملية «التنبيت». والثانية بعدم لف «العذق» نهائياً. وتسمى هذه الطريقة «بياض»، أي أن العذق يبقى أبيضاً، ويبقى مكشوفاً. ولكن هذه الطريقة غير مُجدية، لأن المطر حينما يسقط؛ فإنه يزيل اللقاح، فليس هناك شيء يحميه، بخلاف الطريقة الأولى. وهناك بعض أنواع النخيل، مثل «الخلاص»، لا يُلقح إلا ب «القمح». بخلاف البعض الآخر، الذي لا يُلقح إلا ب «الشماريخ». ويعرف المزارعون الطريقة الأنسب للنخلة بالخبرة الطويلة والممارسة. وينفع لف «العذق» بالليف في حمايته من الجراد أو الطيور، أو حتى الفئران التي تصعد النخلة لتأكل اللقاح، لأن رائحته طيبة، وتشمها كل الحيوانات من بُعد. والليف أفضل، لأنه جيد التهوية، ويسمح بمرور الهواء في سهولة. وينزع الليف من «العذوق» بعد نحو شهر، حينما يكبر حجم العذق، ويوضع على السعف، حتى لا ينكسر لثقله، وذلك حين يكتمل نموه. وتُسمى هذه الطريقة ب«التحدير». وبعدها تبدأ الثمار تكبر شيئاً فشيئاً، لتصبح بحجم الرطب، فتسمى «خلال»، وتكتسي باللون الأخضر، ومن ثم يبدأ لونها يميل إلى الصُفرة أو الحُمرة، وبعد ذلك تتحول إلى رطب، يتم جنيه، أو ما يُعرف ب «الخراف». وبعض النخيل الأخرى الكبار تتحول ثمرته إلى تمر، مثل «الخلاص»، و»الشيشي»، و»الرزيز»، إذ يتم كنزه في أكياس بلاستيكية. وكان قسم الإرشاد الزراعي في هيئة الري والصرف في الأحساء، نفذ أخيراً، «يوم الحقل الزراعي»، في مزرعة تجريبية تابعة للهيئة في قرية الجليجلة، للتعريف بطريقة التلقيح الآلي للنخلة. وأوضح رئيس قسم الإرشاد المهندس عبد المحسن الشعيبي، أن «فكرة يوم الحقل تستهدف تعميم طريقة التلقيح الآلي بين المزارعين، لما تحققه من فوائد عدة، منها اختصار الوقت، إذ يمكن تلقيح 250 نخلة خلال ثماني ساعات فقط، وبجودة التلقيح التقليدية، إضافة إلى خفض كلفة العمالة الخاصة بهذه المهمة»، مضيفاً أنه تم «تطبيق هذه التقنية في مزارع الهيئة تجريبياً، منذ موسم العام ما قبل الماضي. ويتم هذا العام تعميم الفكرة بعد التأكد من نجاحها عملياً وإنتاجياً، وسيقوم فريق الإرشاد في الهيئة بتطبيق التجربة ميدانياً في عدد من المزارع، بمعدل 10 نخلات في كل مزرعة، تعميماً للفائدة، ولإيصال الفكرة لأكبر عدد من المزارعين». وأشاد المدير العام للهيئة المهندس أحمد الجغيمان، بفكرة يوم الحقل واستمراريته، «لما يخدم المزارعين، ويوفر لهم المزيد من المعرفة الزراعية المتقدمة»، داعياً المزارعين إلى «الاستفادة من هذه التقنية، والبرامج الإرشادية التي تقدمها الهيئة لهم». وقد خصصت الهيئة أخيراً، خطاً هاتفياً لاستقبال استفسارات المزارعين والرد عليها من قبل المرشدين المختصين، وهو الرقم «0591180080».