أمام العوز وضعف الحيلة كادتا أن تفقدا حياتيهما. تعلمان أن البحث عن لقمة العيش لفتاتين في سنهما قد يعرضهما للخطر، ولكن لا خيار أمامهما، فالجوع المتيقن أقوى من خطر محتمل فتاتان في مقتبل العمر كادتا أن تتعرضا للاختطاف والتحرش الجنسي بسبب البحث عن ما يسد حاجة أسرتهما اليومية وتحسين معيشتهم. وتقول أم الفتيات ل«الحياة»: «بناتي من زوجي الأول، ولكنه لم يهتم بالصرف عليهن، ما جعل الأمر يتحول إلى كابوس في داخلي»، مؤكدة أنها عجزت عن تأمين حياة كريمة لهن. وتضيف: «ضيق الحال اضطرنا إلى البحث عن لقمة العيش، حيث نصنع الحلوى داخل المنزل ثم نبيعها في الشوارع وعند الإشارات، وبعد أن واجهنا مصاعب في بيعها اتجهنا إلى داخل المتنزهات العائلية». وتعود أم محمد (أم الفتيات) بالذاكرة إلى الوراء: «زوجي يعمل حارس مدرسة متوسطة للبنين، ونسكن في غرفتين ملحقتين بالمبنى المدرسي، وتمر بنا لحظات مخيفة ومحزنة كثيرة، خصوصاًً عندما تتعرض بناتي إلى مضايقات من الطلاب داخل المدرسة»، لافتة إلى أن المضايقات تكون أكثر في الشارع والمتنزهات، حيث نواجه تحرشات من بعض الشباب. وتستطرد بألم: «توقفت بناتي عن الذهاب إلى المدرسة، بسبب مضايقات الطلاب لهن أثناء ذهابهن صباحاً وعودتهن ظهراً»، مشيرة إلى أن الجوع أصبح أهون من الشعور بالخوف. لحظات حزن وألم في عين أفراد الأسرة المغلوبة على أمرها. وتتابع الأم الصابرة: «لا أعلم ماذا نفعل حتى نحصل على منزل ومعيشة آمنة نستطيع من خلاله العيش بخصوصية»، موضحة أن بعض الطلاب يحاولون تصوير بناتها في المنزل من خلال الفتحات الموجودة، ومن تحت باب الشارع، إضافة إلى ما يسمعونه من ألفاظ نابية. لم يتوقف الأمر عن التحرشات والمضايقات التي ينتهجها طلاب المدرسة، فقد تجاوز الأمر إلى أبعد من ذلك، وتحديداً عندما تعرضت اثنتان من بناتها إلى محاولة اختطاف قرب إحدى الإشارات أثناء قيامهما ببيع ما يصنعانه من حلوى، «بعد هذا الموقف منعت بناتي من البيع في الشوارع، ولا أعلم كيف سنصرف على أنفسنا في ظل ظروفنا المالية السيئة؟». اكتمل الحزن في عيني الأم المسكينة ولم تعد تعلم إلى أين تتجه، خصوصاً أن زوجها تخلى عنهن ولا يوجد لديها سوى راتب لا يفي بأقل المتطلبات اليومية.