جاءت خسارة الاتحاد من نجران في كأس ولي العهد وتوديعه المسابقة ومن أول مباراة لتبرئ ساحة مدرب الفريق السابق كالديرون ما حل بالفريق من نكسات ألقت به خارج المنافسة على ثلاث بطولات، كان من أبرز مرشحيها، ولتضع النقاط على الحروف حول ما يدور في كواليس الفريق، ويقوده لمصير مجهول لا يعلم مداه إلا الله. خرج كالديرون لأنه لابد من كبش فداء، ولأن للبعض يد عليا في إخراجه، ولما يخرج الفريق بعد من حال الفوضى وفقدان الهوية الاتحادية، على رغم أن اللاعبين هم اللاعبون، فواضح بما لا يدع مجالاً للشك أن العلة ليست فيه أبداً، وأنه بريء مما حل بالفريق الاتحادي براءة الذئب من دم يوسف، لأن الوضع الفني بقي يراوح مكانه يفوز في مباراة ويهزم في أخرى. تمعنوا في روح الاتحاد، وكيف كانت تقلب النتائج عندما يتأخر الفريق، وكيف انتكست إلى روح انهزامية متوترة حد التهور، أجبرت اللاعبين على العنف واللجوء للخشونة المفرطة تجاه من يعجزون على مجاراتهم فنياً، وما ذلكم الكم الهائل للبطاقات الملونة التى حصل عليها لاعبو الفريق إلا مرآة تعكس مدى فقدان الفريق للاستقرار النفسي، ثم تأملوا في كيفية تعاملهم مع الحكام إذ تركوا اللعب وصاروا لا يجيدون غير الاحتجاج ورفع الأيادي والتذمر عند كل خطأ. الاتحاد لم يعد قوة كما كنا نقرأ، وكما لمسنا طوال المواسم السابقة، بل هوة سحيقة ابتلعت الانجازات كافة، هوة سقط فيها الولاء للنادي إلى القعر، وطفا على سطحها الولاء للأفراد ممن لابد أن يكونوا الكل في الكل، وإلا فليغرق «الإتي... ولحالوه». استغرب وتملأني الدهشة من نجوم الفريق الكبار الذين اختفوا في وقت هذه الفوضى، ولم يُسمع لهم صوت، ولم نر لهم موقف، فلم يضيفوا للفريق إلا مزيداً من السقوط عنفاً ثم طرداً، أو وجوداً كالعدم كأن أمر الاتحاد لا يعنيهم، الاتحاد الذي كان كالطود العظيم، مضيئة إنجازاته في البطولات كافة. اليوم هو ينهار تدريجياً، على رغم كل محاولات المخلصين لإيقاف النزف ومعالجة الجروح التي يبدو أنها خفية، لم يستطع «الجراح» بخبرته في الطب الوصول إليها، ربما هي حالات مستعصية تستدعي «الكي» أو البتر التام، فالاتحاد في حاجة إلى غربلة شاملة ليعود متوهجاً كما عهدناه، فلا طعم للبطولات من دونه، ولن يتم ذلك إلا بوقفة صادقة من رجالات الاتحاد وعشاقه كافة الذين لم يبخلوا عليه يوماً ما بجهدهم ومالهم، وقبل ذلك عشقهم الذي كان ولا يزال مضرب الأمثال. أيها «الإتي» أيها «العميد» لست وحدك، الجميع معك حتى نرى إشراقتك من جديد.