من الواضح أن لغة التهديد والوعيد والتحدي غير المنضبط، والغلط على الأندية الأخرى المنافسة، والتى كنا نمسي ونصبح عليها، اختفت في الفترة الأخيرة واستبدلت بلغة هادئة، وعبارات تميل إلى احترام المنافسين، ومع ذلك لم تنقص هذه اللغة الجميلة من قيمة ومكانة الفريق الفائز هذا أمر جيد، وهو ما نتمنى تأصيله والاستمرار عليه، وهو هدف الرياضة الرئيسي كونها تمثل ساحة حب ومنافسة شريفة، ولا يجب أن تتعدى ذلك، إلى التقليل من المنافس لمجرد الفوز عليه في مباراة منطقها الفوز والخسارة. ربما كان إعلان فوز فريق الهلال ببطولة دوري زين للموسم الحالي قبل نهايته بثلاث جولات وتتويجه بالكأس الجديدة، دور في هذا الهدوء، وربما تسبب غياب فريق الاتحاد عن المنافسة على البطولة التي حققها في الموسم الماضي بعد منافسة شرسة من الهلال استمرت حتى المباراة الأخيرة، في حدوث ذلك، لكن هناك أمر آخر، في رأيي أنه أحد أهم الأسباب في تصعيد لغة الحوار والخطاب الرياضي المتأزم بين عدد من الأندية في الموسم الماضي والمواسم التي سبقته، والذي ارتبط بوجود شخصيات رياضية (غابت في الموسم الحالي) أسهمت في تأجيج القضية، وشحن الشارع الرياضي! وللأسف إنها نجحت في مخططاتها، وساعدها في ذلك تجاوب شخصيات أخرى من أندية منافسة، ما جعل الساحة تتحول إلى ما يشبه ساحة حرب، وليس مباراة في كرة القدم، يجب أن تنتهي بالقبلات، كما بدأت بها أو لنقل بتهنئة الفائز، والإشادة بالخاسر، أو تجنب الإساءة إلى بعضهما كأجمل رد فعل في ظل غياب كل الصور السابقة! إن ما يؤسف له، أن إعلامنا المحلي الرياضي، يبدو بشخصيتين متناقضتين أو مزدوجتين وأقصد الكاتب والمتحدث في قناة رياضية، فما أن تستمع لكاتب من خلال برنامج حواري، إلاّ وتقفز لديك صورته ككاتب وهنا تكون الصدمة، إذ إن ما يكتب في العمود اليومي، أو الأسبوعي يتنافى تماماً مع الطرح التليفزيوني! شاهدت برنامجاً رياضياً في الأسبوع الماضي، وتمنيت ألاّ أكون قد شاهدت ذلك البرنامج، لأنني شعرت أنني في معركة ل «تصفية الحسابات» والتعليقات الساخرة، والتهميش أحياناً وتصيد الأخطاء وأسلوب الإيقاع بالآخر، وهذا فيه الكثير من الاستخفاف بالمشاهدين، وعدم احترام لعقلية المشاهد الواعي! إنها في رأيي أزمة فكر ووعي، وغياب للثقافة الرياضية، فالرياضة هي السبيل الوحيد للتقارب، فما الذي يجبرنا على جعلها مكاناً للعداوات والمشاحنات والقطيعة بين أصحاب القلم والرأي، وهم الذين تقع عليهم مسؤولية تنوير المجتمع، وزرع روح الحب في جيل رياضي يتنفس هواء كرة القدم! نعم، نحن مع اتساع مساحة المنافسة على لقب بطولة الدوري، ونأمل ألاّ يفقد الدوري حلاوته وسخونته وطعمه، مع التأكيد بأحقية الهلال ومع تعدد الأبطال للمسابقات المختلفة، ولكننا لن نقبل أن يكون الإعلام المصري والجزائري نموذجاً لإعلامنا الرياضي، مع تقديري واحترامي للعقلاء من إعلاميي البلدين الشقيقين. [email protected]