مسيرة مثقلة بهموم ناس ووجعهم. بدأتها كاختصاصية بعلم النفس العيادي، وانطلقت كمتطوعة ومؤسسة جمعيات تُعنى بأناس لهم حاجات خاصة. من جمعية «فيستا» التي تهتم بذوي الحاجات الخاصة، إلى «اصدقاء عند الحاجة» التي يتركز اهتمامها على الصم، وصولاً إلى «ذوي حاجات مختلفة» من مركز «ريستارت»، أصبح ضحايا التعذيب هاجسها الأول، والعمل على إعادة تأهيلهم هدفها الأساسي. سوزان جبور، ابنة شمال لبنان، تكرّم اليوم احتفاء بانتخابها عضو هيئة إدارية لمنظمة IRCT (المركز الدولي لتأهيل ضحايا التعذيب)، الذي يضم 143 مركزاً حول العالم يمثلها مجلس يتألف من 29 عضواً، منهم ثمانية أعضاء يشكلون الهيئة الادارية ينتخب سبعة منهم ويُعين الثامن خبيراً. وصلت جبور إلى الهيئة الادارية، كممثلة عن الشرق الأوسط وإفريقيا، بعد أن وجّهت بوصلتها طيلة 14 عاماً لرصد ما تستطيعه من انتهاكات لحقوق الانسان. ففي عام 2005 تسلمت إدارة مركز «ريستارت»، وعملت على تحويله من مؤسسة وجمعية محلية إلى جزء من IRCT . كلام جبّور عن مسيرتها الشخصية يبدأ مطعماً ببعض المعلومات الخاصة، التي لا تلبث أن تذوب في بحر «ريستارت» وفريقه، معتبرة أن نجاحات المجموعة هي الأساس «بفضلهم وبفضل الصدقية التي استطعنا ارساءها، وصلت وريستارت إلى هذا المركز العالمي». مركز تجد فيه جبور فرصة ذهبية من أجل تحسين الأوضاع في المنطقة، بما فيها مصر والبحرين السودان والمغرب والعراق... وتعتبر مسؤوليتها الأولى دعم المراكز والعمل على «تحصين ضحايا التعذيب في المنطقة وتحصيل حقوقهم». وتعتبر جبور أن الفضل في وصولها إلى هذا المنصب يعود ل «هؤلاء الضحايا، فحجمي من حجم الناس التي أستطيع أن أخدمها وأدافع عنها». وعمّا إذا كانت تلمس تحسناً في الوضع العام لضحايا التعذيب في لبنان، تقول جبور: «خلال 14 سنة لا يزال التعذيب سارياً وإن كان يختلف المعذّب من حين إلى آخر، وبعد توسيع نشاط ريستارت ليشمل ضحايا التعذيب من اللاجئين غير الفلسطينيين، ظهرت حالات عاشت مسلسل من التعذيب من بلادها وصولاً إلى لبنان». واقع لا تراه جبور ميؤساً منه، وإن كانت تعتبر أن المشكلة تكمن في عدم الرؤية الشاملة لحقوق الإنسان، إذ أن هذه المنظومة لا تزال تمشي بالتوازي مع منظومة الأمن، التي يصعب على المعنيين الجمع بينهما. وتربط جبور نجاحها بالخبرة والمعرفة التي راكمتها، ولا تعتبر ان كونها إمرأة أثر بأي شكل سلبي على مسيرتها المهنية. وإن كانت لا تنكر أن عملها أثر على حياتها الاجتماعية: «نحن في النهاية بشر، وهؤلاء الضحايا ينقلون لنا معاناتهم، ويتحول الفراغ في وقتي إلى فرصة أجلس فيها مع نفسي بهدف إستعادتها». وعمّا إذا كان ريستارت نال حقه بعد كل هذه الأعوام، تعتبر جبور أن الغاية الأساسية هي «تحصيل حقوق هؤلاء الناس، الذين فقدوا كل حقوقهم في مراكز السجون أو الاعتقال، والعمل على إعادة دمجهم في مجتمعاتهم». وتستدرك: «ذلك لن يحل قبل أن نتمكن من إيصال أحد مرتكبي التعذيب إلى العدالة، وإعادة الحق إلى صاحبه». لا تنكر جبور أن الصعوبات موجودة في كثير من الخطوات، لا سيما في بعض الدول العربية التي ترفض دخول ناشط في منظمة ك IRCT أو ريستارت إلى أراضيها لا سيما أن بعض الأنظمة تمارس التعذيب. وبالتالي قد «يحجبون عنّا تأشيرة دخول، أو يرفضون دخولنا إلى أراضيهم». صعوبات كبيرة وأخرى باتت «روتيناً يومياً» على مدار 14 سنة، لم تحبط من عزيمة جبور أو تشعرها بالندم على أي شيء «امام هول ما اراه مع ضحايا التعذيب، من أطفال يفترض أن يضجون بالحياة وعجّز أمضوا سنوات تقاعدهم في الذل يصبح كل شيء بلا قيمة، ويتحول الشيء الوحيد الذي يمكن الندم عليه هو عدم استغلال فرصة أو القيام بعمل يمكن أن يحسن من واقعهم أو يساعدهم».