حصلت خطة الإنقاذ الثالثة لليونان على موافقة غالبية النواب الألمان في جلسة التصويت في البرلمان، تمكّنت خلالها المستشارة الألمانية انغيلا مركل من تجنب تمرد عدد من نواب حزبها المعارضين لهذا البرنامج البالغة قيمته 86 بليون يورو على مدى ثلاث سنوات. وأعلن رئيس المجلس النيابي الألماني نوربرت لاميرت بعد التصويت، أن 454 نائباً من أصل 585 حضروا جلسة البوندستاغ (مجلس النواب) وافقوا على الخطة، التي صوت ضدها 113 نائباً وامتنع 18. وبين الذين اختاروا عدم دعم الخطة 63 نائباً من الحزبين المحافظين «الاتحاد المسيحي الديموقراطي» و «الاتحاد المسيحي الاجتماعي». ولم يشارك 17 نائباً من حزب مركل في التصويت، بينما امتنع ثلاثة. ولم تتوّل مركل الدفاع عن الخطة خلال الجلسة، بل تركت وزير المال في حكومتها فولفغانغ شويبله يدعو النواب إلى إقرار هذا البرنامج، وهو المعروف بتشدده حيال أثينا، قائلاً: «سيكون عدم انتهاز هذه الفرصة لتأمين انطلاقة جديدة لليونان أمراً غير مسؤول، مع تبنّي البرلمان اليوناني جزءاً كبيراً من الإصلاحات». وإذ أقرّ بأن «لا ضمانات للنجاح»، شدد على أن «الكرة في ملعب اليونان». واعتبر بُعيد بدء الجلسة، أن اقتصاد اليونان، «في حال واجهت مسؤولياتها وطُبق البرنامج في شكل كامل وثابت، سينمو في السنوات المقبلة». وأكد أن رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس «سيفعل عكس ما وعد به ناخبيه، لكن الإصلاحات التي فرضت في إرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص أثمرت». ويُعتبر تبني هذه الخطة من برلمانات أوروبية أمراً ضرورياً، كي تتمكن اليونان من الحصول على 3.4 بليون يورو من البنك المركزي الأوروبي قبل الخميس. وكان إقرار الخطة مرتقباً في البرلمان الألماني لأن «التحالف الكبير» الذي يجمع الاشتراكيين الديموقراطيين والاتحادَين المسيحيين (بقيادة مركل وحليفها البافاري) يشغل 504 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 631. ويدعم الحزب الاشتراكي الديموقراطي النص مثل جزء كبير من المعارضة. لكن الاستياء واضح في صفوف المحافظين على رغم التضحيات التي طلبت من اليونانيين. وخلال التصويت في 17 تموز (يوليو) الماضي، عارض 60 نائباً من أصل 311 موقف مركل، في مقابل 29 في شباط (فبراير) الماضي. وكشف تصويت الأمس أن في كتلة الاتحادين المسيحيين 56 نائباً يعارضون الخطة. وقال النائب عن «الاتحاد الديموقراطي المسيحي» كلاوس بيتر فيلش أحد المعارضين للخطة، إن عدد «الخارجين عن الصف» كما تسميهم الصحف الألمانية «سيزداد». وأوضح أن «النواب الستين الذين صوتوا ب «لا»، قطعوا وعوداً لناخبيهم أيضاً»، معتبراً أن «لا شيء تغيّر في اليونان». ويعتمد رافضو الخطة على رأي عام مقتنع بأن أموالاً ضخمة دُفعت لليونان حتى الآن، وأظهر استطلاع للرأي أعدّه «معهد فورسا» منتصف الشهر الجاري، أن «84 في المئة من الألمان لا يثقون في رغبة اليونانيين في الإصلاح، فيما يعارض 75 في المئة منهم خطة الإنقاذ الثالثة». مع العلم أن ألمانيا واستناداً إلى دراسة ل «معهد لايبنيتس» للبحوث الاقتصادية كشفت أنها «استفادت بما قيمته مئة بليون يورو من أزمة الدَين الأوروبية وتحديداً عبر الفوائد الدنيا لديون الدولة». وما يزيد من صعوبة مهمة مركل وقيادة الحزب المحافظ في إخماد التمرد، هو موقف صندوق النقد الدولي. إذ أرجأ قراره المتعلق بالمشاركة في الخطة إلى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، مشترطاً خفضاً كبيراً في الدَين اليوناني الذي وصفه ب «غير القابل للتسديد». ويعارض الألمان بشدة هذا المطلب، لكن يأملون في الاعتماد على صندوق النقد الدولي الذي يعتبرونه ضمانة لعودة القروض الممنوحة إلى اليونان، بسبب استقلاله وصرامته. وأكد شويبله في كلمة أمام النواب ثقته في أن «يتوصل الأوروبيون والصندوق إلى مواقف مشتركة حول ملاءة الدَين اليوناني، ومساهمة الصندوق في الخطة». وكان وزراء مال دول مجموعة اليورو وافقوا على الخطة، التي ستؤمن دعماً مالياً لأثينا تحتاج إليه، بشرط أن تليها وبسرعة إجراءات لتسوية مشكلة الديون. إلى ذلك، رفعت وكالة «فيتش» تصنيف ديون اليونان درجة واحدة بعد الاتفاق بين أثينا والمؤسسات الأوروبية على خطة الإنقاذ، من «سي سي سي» إلى «سي سي» على المدى البعيد. واعتبرت أن اتفاق 14 آب قلص «خطر عجز اليونان عن الوفاء بالتزاماتها للقطاع الخاص». ورأت أن من شأن خطة المساعدة المقترنة ببرنامج إصلاحات والتي تلحظ تسديد دفعة أولى تتجاوز 20 بليون يورو بدءاً من هذا الأسبوع، «تخفيف التوتر الذي كان يرخي ثقله في الأشهر الأخيرة على السيولة وتغطية تسديد 3.4 بليون يورو تستحق للبنك المركزي الأوروبي في 20 الجاري. ولم تغفل أن «أخطار فشل البرنامج لا تزال مرتفعة». ورأت أن «استعادة الثقة بين اليونان ودائنيها تتطلب وقتاً»، إذ «لا يمكن توقع الوضع السياسي اليوناني».