أقر مجلس النواب العراقي بالإجماع في جلسة سريعة عقدها اليوم (الثلثاء)، حزمة الإصلاحات التي قدمتها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والهادفة إلى مكافحة الفساد وترهل المؤسسات، بعد أسابيع من التظاهرات. وتعد موافقة البرلمان إنجازاً للعبادي الذي حض في وقت سابق اليوم النواب على إقرار الاصلاحات ككل متكامل، أو رفضها وتحمل مسؤولية ذلك. وأتت الخطوة بعد يومين من إقرار الحكومة الحزمة التي تشمل خطوات جذرية كإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء، وذلك بعد أسابيع من التظاهرات، ومطالبة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني رئيس الحكومة بأن يكون أكثر جرأة في مواجهة الفساد. وأقر المجلس في الجلسة نفسها، سلسلة إجراءات برلمانية إصلاحية. ودامت الجلسة قرابة 30 دقيقة، استنفد معظمها لقراءة النقاط المقترحة من دون أي نقاش حولها. وقال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في افتتاح الجلسة متوجهاً للنواب "إن شعبكم ينتظر منكم أن تقفوا معه اليوم وانتم أبناؤه وأنتخبكم لمثل هذا اليوم"، وأضاف "إن ثقة الشعب بكم عظيمة، وهو ينتظر منكم الكثير، وأتمنى أن تكون خطوة اليوم الأولى وليست الأخيرة وأن نستمر بنهج الإصلاح"، ودعا الجبوري النواب للتصويت برفع الأيدي، ليعلن بعد ذلك أنه "تمت الموافقة بالإجماع" في الجلسة التي شارك فيها 297 نائباً من أصل 328. ومع إقرار الحزمة التي اقترحها العبادي وأقرتها حكومته بالإجماع أيضاً، يبقى السؤال حالياً عن مدى جدية تطبيقها. ويرى مؤلف كتاب "الصراع حول مستقبل العراق" زيد العلي ان "كل السياسيين العراقيين يعلنون رسمياً دعمهم للإصلاح ومكافحة الفساد، إلا أنهم جميعاً منخرطون فيه على نحو كبير". ويضيف: "هم مضطرون للقول أنهم يدعمون الإصلاح، لكنهم سيعملون ضده". وشهدت مناطق عدة، أبرزها بغداد في الأسابيع الماضية، تظاهرات حاشدة طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء، ومكافحة الفساد، ومحاسبة المقصرين في دوائر الدولة. وشدد العبادي على أن الخطوات المقترحة، والتي يتطلب بعضها تعديلاً دستورياً، "ليست نابعة من رغبة بالانفراد في السلطة، ولا لتجاوز الأطر الدستورية، بل لتكريس دولة المواطنة وإبعاد الهيمنة الفردية والحزبية والطائفية على مفاصلها، وعدم تكبيل مؤسسات الدولة بالمحاصصة المقيتة". ومن أبرز الإصلاحات التي أقرتها الحكومة، هي إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء "فوراً". ويشغل منصب نيابة رئاسة الجمهورية ثلاثة من أبرز السياسيين هم نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي. وتشمل الحد من "المحاصصة الحزبية والطائفية" في المناصب العليا. وكان الجبوري دعا أمس قادة الكتل السياسية إلى تمرير الإصلاحات، مطالباً بفرض المزيد منها. وأرفق الجبوري هذا الموقف بدعوة العبادي إلى إقالة الوزراء الذين يثبت ضلوعهم بالفساد. وأكد أن البرلمان "سيحدد وعلى نحو واضح أسماء أو مؤسسات لغرض محاسبتها لتورطها بالفساد"، مضيفاً: "سنمضي على نحو مباشر في عملية استجواب استوفت كل الشروط القانونية اللازمة، لذلك طالبنا رئيس الوزراء بإقالة عدد من الوزراء الذين ثبت عليهم الفساد والتقصير". وسارعت كتل وأطراف سياسية عدة إلى تأييد مطالب الإصلاح، أقله علانية، وذلك للإستفادة من هذه الحركة وتخفيف الضغوط عليهم. وعلى رغم الضغوط الشعبية ودعم السيستاني للإصلاح، إلا أن الطبيعة المتجذرة للفساد في العراق واستفادة معظم الأحزاب والكتل السياسية منه، تجعل من الصعب إحداث تغييرات جوهرية. وإضافة إلى التحديات الاقتصادية والمعيشية، يواجه العراق منذ أكثر من عام تحديات أمنية هائلة تتمثل بسيطرة "تنظيم الدولة الاسلامية" (داعش) على مساحات واسعة من البلاد، وتنفيذه هجمات في مناطق أخرى أبرزها بغداد.