سارعت إدارة الرئيس باراك أوباما أمس إلى الطلب من الرئيس عمر البشير تسليم نفسه للمحاكمة أمام العدالة الدولية، بعدما وافق قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي على درس توجيه تهمة جديدة إليه تتعلق بالإبادة الجماعية في دارفور، بعدما كانوا قد رفضوا طلب الإدعاء في آذار (مارس) الماضي إضافة هذه التهمة إلى تهم أخرى بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وفي حين رحّب متمردو دارفور بالخطوة الجديدة، قالت الخرطوم إن قرار المحكمة يهدف إلى «التشويش» على فرص البشير في السباق الرئاسي المقرر في نيسان (ابريل) المقبل، واعتبرته قراراً «بلا قيمة». وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركي للشؤون الافريقية جوني كارسون للصحافيين في أكرا أمس: «نحن نعتقد بان الرئيس البشير ينبغي أن يُسلّم نفسه إلى المحكمة ليحاكم على التهم المنسوبة اليه». وأضاف: «إذا كانت محكمتهم لن تفعل ذلك والمحكمة الدولية متاحة فليسلم نفسه اليها». واتفق ديبلوماسيون أجانب ومحللون في الخرطوم استطلعتهم «الحياة» على أن قرار المحكمة الجنائية «اجرائي» لكنه يعيد ملاحقة البشير دولياً إلى الواجهة ما يزيد من الضغوط النفسية والإعلامية عليه، ويضاعف من الضغوط الدولية على نظام حكمه لتسريع تسوية أزمة دارفور، ويعطي معارضيه «ذخيرة» جديدة لاستخدامها في حملة انتخابات الرئاسة التي ستبدأ الأسبوع المقبل. وبالفعل عقد ستة مرشحين منافسين للبشير مؤتمراً صحافياً في الخرطوم بادر خلاله زعيم حزب الأمة الصادق المهدي إلى دعوة الرئيس السوداني وحزبه المؤتمر الوطني الحاكم إلى سحبه من المنافسة على منصب الرئيس والاتفاق على «مرشح وفاقي» يتولى رئاسة البلاد في المرحلة المقبلة. وكانت المحكمة الجنائية قبلت أمس استئنافاً لمراجعة قرارها الذي أصدرته في آذار بإسقاط تهمة الإبادة جماعية عن البشير. وجاء قرار غرفة الاستئناف التابعة للمحكمة ليُعد نصراً للمدعي العام لويس مورينو أوكامبو الذي يُصر على محاكمة البشير في شأن انتهاكات دارفور. وكان الرئيس السوداني قام امس بزيارة قصيرة لقطر حيث أجرى محادثات مع أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بحضور رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وكبار المسؤولين. وقال رئيس الوفد الحكومي السوداني الى مفاوضات الدوحة مع حركات دارفور الدكتور أمين حسن عمر ل «الحياة» إن محادثات البشير مع أمير قطر تناولت «القضايا الثنائية والأوضاع في المنطقة العربية» والتحضيرات للمفاوضات مع متمردي دارفور، لكنه نفى أن يكون جرى التطرق إلى قرار المحكمة الجنائية. وقال: «المحكمة الجنائية ليست موضوعاً من المواضيع التي نبحث فيها لا داخلياً ولا خارجياً، ونحن من الناحية القانونية لا نعترف بولاية المحكمة على أي مواطن سوداني». وتابع «أن الاجراء الذي تم اليوم (أمس) في المحكمة الجنائية لا قيمة له من الناحية القانونية». وجدد الوزير السوداني موقف حكومته قائلاً إن «المحكمة سياسية، وهم يعتقدون بان قرارهم الجديد سيُضعف الوضع الانتخابي للرئيس البشير». وسألت «الحياة» الناطق باسم «حركة العدل والمساواة» أحمد حسين آدم الموجود في الدوحة حالياً عن موقف حركته من قرار المحكمة الجنائية ، فأجاب: «نرحّب بالقرار وموقفنا ثابت، فنحن ندعم المحكمة الجنائية الدولية، ونرى أن قرارها يعكس الواقع الموجود على الأرض (في دارفور) ووقع الجرائم هناك». وفي نجامينا (أ ف ب)، أعلن الرئيس التشادي إدريس ديبي أمس أمام برلمانيين فرنكفونيين أنه سيزور الخرطوم ويلتقي البشير في 8 شباط (فبراير) الجاري.