كشف مسؤول فلسطيني رفيع أن المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام جورج ميتشل اقترح على الرئيس محمود عباس خلال لقائهما الأخير في العاصمة الأردنية الأحد الماضي أن يقوم بجولات مكوكية بين الأطراف شبيهة بجولات وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر في السبعينات من القرن الماضي. وقال المسؤول الفلسطيني إن ميتشل اقترح على الأطراف أن تشمل جولاته كل من سورية ولبنان إلى جانب إسرائيل والفلسطينيين، وأن يبحث خلالها في إمكان التوصل إلى سلام إقليمي. ويأتي اقتراح ميتشل هذا استجابة لطلب فلسطيني سابق بقيام الجانب الأميركي بدور الوسيط التفاوضي بين الجانبين لحين التوصل إلى اتفاق. وكان عباس قدم هذا الاقتراح إلى ميتشل في جولاته السابقة ليكون بديلاً من التفاوض المباشر مع إسرائيل، إذ يرى أن التفاوض المباشر في ظل الاستيطان يضعف الموقف الفلسطيني. ويشير مسؤولون فلسطينيون إلى أن اقتراح عباس هذا جاء لإلقاء الكرة في ملعب الجانب الأميركي الذي يطالب باستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة. واعتبر مسؤول رفيع أن هذا التفاوض «يثبت لواشنطن من هو الطرف المعطل للمفاوضات». واقترح ميتشل أيضاً عقد لقاءات تفاوضية فلسطينية - إسرائيلية تتناول الشؤون الحياتية اليومية والاقتصادية مثل تحويل السلطة الإدارية والأمنية من بعض المناطق من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية ورفع حواجز عسكرية وإطلاق سراح أسرى، ويرى أن خطوات من هذا النوع ستساهم في إعادة بناء الثقة بالتدرج بين الجانبين. لكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون إن القضية السياسية ما زالت تشكل الخلاف الأكبر الذي يحول دون إعادة إطلاق المفاوضات. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه إن تعنت إسرائيل في ما يتعلق برفض وقف الاستيطان يحول دون إعادة اطلاق المفاوضات. وبدأ الرئيس الفلسطيني أمس جولة دولية تشمل روسيا وبريطانيا وألمانيا لشرح موقفه من العملية السلمية المتعثرة. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات إن عباس سيطلب في جولته هذه من قادة القوى الفاعلة في العالم العمل على إلزام إسرائيل بالموقف الدولي الذي يعترف بحدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 حدوداً تفصل بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المرتقبة. وأضاف: «العالم يقول إنه تجب إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل على حدود الرابع من حزيران، واليوم يخاطب الرئيس عباس قادة العالم قائلاً لهم: هذا موقفكم، تفضلوا طبقوه، والزموا الطرف المتعنت بالموقف الدولي والرؤية الدولية للسلام في المنطقة». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» مفوض العلاقات الدولية فيها نبيل شعث قوله في تصريح صحافي إن عباس يتعرض لضغوط أميركية من أجل استئناف المفاوضات مع اسرائيل من دون تجميد تام للاستيطان. وقال شعث إن «هناك ضغوطات تمارسها الإدارة الأميركية وميتشل على الرئيس والقيادة الفلسطينية وذلك من خلال الإصرار على المفاوضات من دون وقف الاستيطان». وهذه المرة الاولى التي يتحدث فيها مسؤول فلسطيني بهذا الوضوح عن ضغوط تمارسها الإدارة الاميركية على عباس للدخول في المفاوضات. وأكد شعث أن «القيادة الفلسطينية وحركة فتح ستبقى صامدة أمام الضغوط الاميركية والتهديدات الإسرائيلية ولن تتراجع عن ثوابتها بعدم الدخول في مفاوضات في ظل الاستيطان». وأضاف أن «الضغوط الأميركية على القيادة من أجل عدم إضاعة ما يعتبرونه فرصة، لن تدفعنا إلى الدخول في مفاوضات مع إسرائيل في ظل مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة». واعتبر أن أي مفاوضات في هذه الظروف ستكون «عبثية وستشكل غطاء للاستيطان الإسرائيلي». ولفت إلى أن الجانب الفلسطيني يتعرض لهذه الضغوط بينما «يتم إتاحة الفرصة لإسرائيل لممارسة ضغوطها على أرض الواقع من دون أي تدخل أميركي والتهديد باستخدام الفيتو الأميركي إذا ذهبنا إلى مجلس الأمن»، كما دان حملة الانتقادات الإسرائيلية لعباس بسبب مواقفه، مشيراً خصوصاً إلى تصريحات للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز حذر فيها عباس «من خطورة اللعب بالنار». وأضاف أن «بيريز هو جزء من القيادة الإسرائيلية التي دمرت عملية السلام وكان جزءاً من حكومة إسحاق شامير ومن حكومة إيهود أولمرت وهو رئيس إسرائيل في حكومة بنيامين نتانياهو. وهذه الهجمة على أبو مازن (عباس) الآن وتهديدات بيريز تصب جميعاً في خانة اعتبار أنه ليس شريكاً في عملية السلام وأنه يمكن أن يعامل معاملة الشهيد أبو عمار، ومع ذلك سنبقى جميعاً صامدين والرئيس عباس صامد في مواجهة هذه التهديدات».