حمل انقضاء المهلة القانونية بسحب المرشحين للانتخابات النيابية اللبنانية ترشيحاتهم منتصف ليل أول من أمس مفاجأة يتيمة تمثلت في قرار قيادة «حزب الله»، سحب مرشحه عن المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثانية النائب أمين شري لمصلحة مرشح حركة «أمل» هاني قبيسي على رغم أن هذه الدائرة لن تشهد معركة انتخابية نتيجة للتوافق الذي توصل اليه الأطراف اللبنانيون المعنيون بها في مؤتمر الحوار في الدوحة. ويأتي قرار «حزب الله» إخلاء الساحة في بيروت الثانية (الباشورة) لمصلحة حليفه حركة «أمل» في إطار جهود قيادية لإنقاذ العلاقة بين حليفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ومنعها من بلوغ الطريق المسدود بعد أن تجاوزت كل أشكال التأزم على خلفية اختلافهما على المقعد الشيعي الثاني في بعبدا الى جانب مرشح «حزب الله» النائب علي عمار وعلى رفض عون ترشح النائب من كتلة «التنمية والتحرير» سمير عازار عن أحد المقعدين المارونيين في جزين في مقابل إصرار بري على ترشحه باعتباره خطاً أحمر لا تنازل عنه. وفي هذا السياق قالت مصادر مواكبة للوساطة المستمرة التي يقوم بها «حزب الله» بين حليفيه بري وعون أن الحزب اتخذ قراره بالتضحية بمرشحه النائب شري في بيروت الثانية مع أنه الأقوى في هذه الدائرة بغية تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر في الداخل والخارج بأنه يبقى وفياً لحلفائه حتى لو كان الثمن من حصته الخاصة. بالتالي يقف ضد انقسام المعارضة بسبب الاختلاف على مقعد نيابي. ولفتت الى أن الحزب يتعامل مع عون برحابة صدر وطول بال ولا يريد إزعاجه مهما كلف الأمر، وعلى رغم المعاناة اللاحقة به جراء الاختلاف بينه ورئيس المجلس. وهو يعتبر أن قراره التضحية بمقعد نيابي لا قيمة له إذا كان مقابله التضحية بحليف من وزن عون وقف الى جانبه في حرب تموز (يوليو) ووفر له الغطاء السياسي لدى فريق فاعل من المسيحيين. ورأت المصادر أن الحزب الذي أراد من تضحيته إعلام الآخرين بأنه لن يفرط بعلاقته بعون أراد تشجيع أي فريق مسيحي على التعامل معه في المستقبل. ورداً على سؤال أكدت أن الحزب سعى من وراء سحبه لشري الى أن يكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها بسبب استمرار الاختلاف بين بري وعون في محاولة لفتح ثغرة تعيد الأمل الى الوساطة التي يقوم بها بينهما عله ينجح في الساعات المقبلة في الوصول الى تسوية في شأن تشكيل لائحة المعارضة في جزين. وتابعت المصادر نفسها أن المشكلة بين بري وعون لم تحل حتى الساعة وأن «تبادل الود والاحترام» بينهما لا يسهم في حلها وإلا لكانت حلت منذ الأيام الأولى من المفاوضات التي يتولاها الحزب. مشيرة الى أنه يفترض أن تتبلور الصورة النهائية للوساطة بدءاً من اليوم، وإلا فإن عازار سيتزعم لائحة منافسة للائحة «التيار الوطني الحر» في جزين في حال لم تفض المفاوضات الى نتيجة إيجابية. وإذ أشارت الى أن «حزب الله» ضد اي مشهد انتخابي في جزين يمكن أن يؤدي الى انقسام المعارضة على نفسها في مواجهة اللائحة المنافسة المدعومة من الأكثرية والمستقلين أكدت في المقابل أن الحزب ما زال يراهن على الوصول الى تسوية اعتقاداً منه أن إخلاء الساحة في بيروت الثانية لمرشح «أمل» سيفتح الباب أمام تجديد الوساطة خصوصاً بعدما نجح في تحقيق أول فك اشتباك بين الدوائر الانتخابية في جزين وبعبدا وبيروت التي تنازل عنها الحزب عله يضغط باتجاه توفير الظروف لعودة المياه الى مجراها الطبيعي بين حليفيه. وكشفت المصادر أن الحزب باشر منذ بعد ظهر أمس بتكثيف اتصالاته بحليفيه على أمل أن يحسما أمرهما لمصلحة التوافق في جزين وقالت إن تسمية المرشح الشيعي الثاني في بعبدا كبديل من مرشح «أمل» طلال حاطوم يعود الى قيادة الحزب التي ستقوم بتسميته بعد التشاور مع بري وعون لكنها لم تستبعد أن يرسو الخيار على فادي فخري علامة أحد أصحاب مستشفى الساحل. وبالنسبة الى موقف «حزب الله» في حال لم تؤد مساعيه الى انفراج العلاقة الانتخابية بين حليفيه، قالت المصادر أنه سيتمنى عليها خوض المعركة بروح رياضية وديموقراطية في جزين وأن يتجنب أي منهما الانجرار الى تطييف المنافسة، خصوصاً من جانب «التيار الوطني» بذريعة أن عازار مدعوم من بري. وأشارت المصادر الى أن الحزب مارس كل الضغوط على حلفائه لإقناعهم بتبني ترشح عون للمرشح الدرزي فادي الأعور الذي يعتبر نقطة تقاطع بين عون و «حزب الله» والوزير طلال ارسلان، مؤكدة أن خروج الحزب من الانتخابات في بيروت الثانية لا يعني أنه سينقلب على تعهده بدعم التوافق الذي أنجز في الدوحة وبالتالي يبحث عن خوض معركة بديلة من خلال مرشحين منافسين لتيار «المستقبل» والأحزاب الأرمنية الحليفة له في هذه الدائرة. وأضافت أن الحزب سيقطع الطريق على محاولات الاستقواء به لخوض المعركة في بيروت الثانية ضد المرشح نهاد المشنوق المدعوم من النائب سعد الحريري وهذا ما يفسر الدور الذي يلعبه لدى عدد من المرشحين من بينهم النائب السابق عدنان عرقجي لإقناعه بصرف النظر عن خوض المعركة.