يشهد ملف تبادل الاسرى تحركاً بطيئاً لكن اكيداً في ضوء مؤشرات عدة، على رأسها زيارة رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان لاسرائيل امس، والتي قالت مصادر فلسطينية انه سيدعو خلالها الى الفصل بين التهدئة وملف تبادل الاسرى. (راجع ص 4) يتزامن هذا التحرك مع خطوة غير مسبوقة ومثيرة للجدل عنوانها جلسة استجواب في مجلس العموم البريطاني لرئيس المكتب السياسي ل»حماس» خالد مشعل، والتي كان مقررا ان تتم مساء امس و»عن بُعد» عبر تقنية «الفيديو كونفيرينس». وتهدف الجلسة التي دعا اليها ستة نواب بريطانيين التقوا مشعل في دمشق الشهر الماضي، الى اعطائه الفرصة لاقناع الغرب باعادة النظر في موقفه من «حماس»، منطلقين من قناعة بأن فتح حوار مع الحركة قد يكون مهماً بالنسبة الى فرص التوصل الى اتفاق سلام. واضافوا ان الجلسة ستعقد في احدى غرف البرلمان، وهو امر لا يحتاج الى اذن خاص، كما انه لا يفرض على احد من النواب الحضور. غير ان دولا اوروبية، بينها بريطانيا، اعلنت انها لن تغير موقفها من «حماس» المصنفة «حركة ارهابية» الا اذا التزمت شروط اللجنة الرباعية القاضية بالاعتراف باسرائيل وبالاتفاقات الموقعة معها ونبذ العنف. في هذه الاثناء، سجلت تحركات تقود في مجملها الى استنتاج بأن ملف الاسرى سيطرح على الطاولة قريبا، اذ اعلنت مصادر فلسطينية موثوقة بها ل»الحياة» ان القيادي في «حماس» في غزة اسامة المزيني المكلف ملف الاسرى يجري محادثات في دمشق مع قيادة الحركة تتناول مدى امكان بحث تسوية لملف الاسرى. وقالت المصادر الفلسطينية ان الوزير سليمان يحمل الى اسرائيل رسالة مفادها «ضرورة فصل ملفي التهدئة وتبادل الاسرى»، وان «الهدوء الذي يشهده قطاع غزة ليس بسبب الحرب الاخيرة، بل نتاج توافق وتفاهم مصري مع القوى والفصائل الفلسطينية»، وانه لا يستطيع ضمان الهدوء الى ما لا نهاية في ضوء استمرار الحصار واغلاق المعابر وعدم انجاز جزء من اعمار غزة. في الوقت نفسه، كلّف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو امس رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (شين بيت) يوفال ديسكين، متابعة ملف الاسرى بدلا من عوفر ديكل الذي استقال الثلثاء من هذا المنصب. واستقبلت اسرائيل سليمان في وقت يلف مستوييها السياسي والامني شعور بالقلق من ان تكون الحكومة في طريقها الى مسار صدامي في العلاقة مع واشنطن، خصوصا في اعقاب التقرير الذي قدمه الجنرال الاميركي بول سيلفا الذي كُلف متابعة تنفيذ «خريطة الطريق» لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، واتهم فيه اسرائيل ب»التنصل من تعهداتها»، وفي مقدمها عدم ازالة حواجز عسكرية في الضفة او تسهيل حركة الفلسطينيين او تفكيك بؤر استيطانية. ويعتقد مراقبون وخبراء اميركيون ان هذه القضايا تحديدا هي الخطوات الملموسة و»بادرات حسن النية» التي طالب بها الرئيس باراك اوباما لتنشيط عملية السلام. ولم يتأكد ان كان سليمان التقى وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي اثار مجددا جدلا امس بسبب مقابلة اجراها مع صحيفة روسية قبل اسبوعين قال فيها ان «مبادرة السلام العربية خطيرة ووصفة اكيدة للقضاء على اسرائيل». وما لبث ان عاد ليبرمان الى الموضوع خلال جلسة الحكومة الامنية المصغرة امس ليقول انه لم يقصد رفض المبادرة بمجملها، انما البند المتعلق بحق عودة اللاجئين «الذي يحظى باجماع واسع داخل الحكومة». في غضون ذلك، تعتزم الديبلوماسية الروسية ابلاغ الأطراف المعنية بعملية السلام وأعضاء مجلس الأمن اليوم نيتها عقد جلسة وزارية في 11 المقبل أثناء رئاستها مجلس الأمن للبحث في سبل تفعيل دفع العملية السلمية. وقالت مصادر عربية إن روسيا تعمل لعقد اجتماع ل»لجنة الرباعية» على المستوى الوزاري على هامش جلسة مجلس الأمن، كما يجري العمل على صوغ مسودة بيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن بالاجماع لحشد الضغط الدولي للدفع بالأطراف نحو استئناف المفاوضات لتحقيق حل الدولتين. وتتخذ جلسة مجلس الأمن بعداً مهماً لانها تأتي في خضم صوغ الخطوات العملية للسياسة الأميركية، علماً أن واشنطن ستستقبل الشهر المقبل الرئيسين محمود عباس وحسني مبارك ونتانياهو، بعد الاجتماع اخيرا مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.