شهدت بغداد أمس حدثين بارزين طغيا على الأزمة السياسية التي خلفتها قرارات «هيئة المساءلة والعدالة» باستبعاد مئات المرشحين من الانتخابات، إذ ضربت العاصمة 3 تفجيرات انتحارية متزامنة استهدفت فنادق كبرى وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات. وتزامنت التفجيرات مع تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بوزير الدفاع السابق علي حسن المجيد، الملقب ب»علي الكيماوي» بعد إدانته بالإبادة الجماعية. وتضاربت الأرقام الأولية لضحايا التفجيرات، إلا ان ناطقاً رسمياً أعلن مقتل أكثر من 36 شخصاً وإصابة نحو 70 بانفجار 3 سيارات مفخخة، وقع الأول قرب فندق «ميريديان - فلسطين» في شارع ابو نواس، تلاه بعد دقائق انفجار ثانٍ في مرآب فندق بابل، في حين وقع الثالث قرب فندق الحمراء في منطقة الجادرية. وقال مصدر في وزارة الداخلية ان «كل الهجمات نفذت بحافلات مفخخة يقودها انتحاريون»، وتوقعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «اعتداءات ارهابية اخرى» في العراق «تهدف إلى اطاحة مسيرة الشعب العراقي نحو الديموقراطية»، في إشارة الى الانتخابات التشريعية المقررة في 7 آذار (مارس). وللمرة الأولى منذ الصيف الماضي، عندما بدأت موجة استهداف مقرات تابعة للوزارات او الحكومة، ابتعد مخططو هذه الهجمات عن اهداف ترمز الى السلطة واختاروا اماكن يؤمها الأجانب من صحافيين ورجال اعمال يسعون وراء فرص اقتصادية. وكانت بغداد تعرضت الى سلسلة من 3 تفجيرات متزامنة استهدفت وزارتي الخارجية والمال في 19 آب(أغسطس)، ووزارة العدل ومبنى محافظة بغداد في 25 تشرين الأول(اكتوبر) ومجمع محاكم ناحية الكرخ ومقرات أخرى في 8 كانون الأول(ديسمبر) الماضي اوقعت حوالى 400 قتيل ومئات الجرحى وتبناها تنظيم «القاعدة» واتهمت الحكومة البعث و»القاعدة» بتنفيذها. وفور وقوع الانفجارات الثلاثة، اعلن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ «اعدام المجرم علي حسن المجيد وسط التزام تام من الحضور بعدم توجيه اي اهانة او التشفي» كما حدث اثناء عملية اعدام الرئيس السابق صدام حسين في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2006. ومن الصعب تأكيد وجود رابط بين التفجيرات وإعدام المجيد، لكن تزامن الحدثين أثار شكاً في الأمر. وكانت المحكمة الجنائية العليا حكمت على المجيد، قبل أسبوع بالإعدام إثر إدانته في قضية قصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية في 16 آذار (مارس) 1988. وصدرت بحقه ثلاثة أحكام بالإعدام في قضايا «حملات الأنفال» بين عامين 1987 و1988، والانتفاضة الشيعية عام 1991، و»أحداث صلاة الجمعة» التي أعقبت اغتيال المرجع الشيعي محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر. وكان الناطق باسم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي اعتبر قبل أعدام المجيد «صدور اي امر ديواني بتنفيذ حكم الإعدام اجراء غير قانوني وغير دستوري». وعم الفرح منطقة كردستان، فيما زار السفير الأميركي كريسوفر هيل أمس حلبجة وتفقد النصب التذكاري لضحايا القصف. وفي نيويورك (الحياة)، دان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون التفجيرات الانتحارية في بغداد، وقال ناطق باسمه «ليس هناك اي قضية يمكن ان تبرر مثل هذه الهجمات على اهداف مدنية». ودعا «العراقيين الى مواصلة التزامهم طريق المصالحة، على الرغم من العنف» استعدادا للإنتخابات المقبلة، وأكد ان الاممالمتحدة لا تزال ملتزمة تقديم الدعم للعراقيين في العملية الانتخابية.