قالت جماعة مسلحة كردية سورية اليوم (الإثنين) إنها تسيطر في شكل شبه كامل على مدينة الحسكة شمال شرقي البلاد، موسعة نطاق نفوذها على حساب الحكومة السورية في أعقاب هجوم لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في المنطقة. وكانت السيطرة على الحسكة مقسمة بين الأكراد والحكومة السورية حتى الشهر الماضي وستكون السيطرة الكاملة عليها مكسباً كبيراً للإدارة الكردية شبه المستقلة التي تقاتل "داعش" في سورية بالمشاركة مع واشنطن. وشن "داعش" هجوماً كبيراً على المدينة في 25 حزيران (يونيو) الماضي ركز في البداية على جنوب الحسكة الذي كان خاضعاً لسيطرة الحكومة. وشارك في المعركة التالية "وحدات حماية الشعب الكردية" التي كانت تسيطر على شمال الحسكة وهو ما قرب الأكراد المدعومين من واشنطن والذين يقاتلون "داعش" من مواقع القوات الحكومية. وقال الناطق باسم "وحدات حماية الشعب" ريدور خليل إن كل دفاعات المدينة تقريباً باتت الآن في أيدي جماعته. وأضاف "النظام منهار ولم يستطع حماية المدينة وبقاؤه بات رمزياً في نقاط محدودة. مخارج ومداخل المدينة بالكامل تسيطر عليها الوحدات". ويتناقض التصريح مع تقارير لوسائل إعلام رسمية سورية تشير إلى أداء قوي للجيش السوري في معركة الحسكة. وقال التلفزيون الرسمي اليوم إن الجيش حقق تقدماً ضد "داعش" إلى الجنوب الشرقي من المدينة وطوق مقاتليها وقتل عدداً كبيراً منهم. وأوضح خليل أن "وحدات حماية الشعب" نشرت مقاتليها في الضواحي الجنوبية للحسكة وهو ما يعني أنها تسيطر على كل مداخل ومخارج المدينة وتطوق مقاتلي "داعش" في داخلها. وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" تقييماً مماثلاً، وقال إن "وحدات حماية الشعب تحاصر قوات داعش من الجنوب وتتخذ مواقع للتقدم في المدينة". وذكر خليل أن "وحدات حماية الشعب" استولت على مناطق من "داعش" داخل المدينة نفسها خلال اليومين الماضيين. والتقدم مستمر. وأضاف أنه بينما كانت الوحدات تسيطر على نصف المدينة قبل هجوم "داعش" فهي تسيطر حالياً على "الأغلبية الساحقة" منها. وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة السورية تعزيز سيطرتها على المراكز السكنية الرئيسة غرب البلاد ومنها دمشق فإن مدينة الحسكة إحدى خمس مناطق نائية سعى بشار الأسد للاحتفاظ بالسيطرة عليها في معارك في الآونة الأخيرة. والحسكة عاصمة محافظة تحمل نفس الاسم. وفقد الأسد السيطرة على عاصمتي محافظتين أخريين هما الرقة وإدلب. وتقاتل قوات النظام وجماعات متحالفة معه في مواجهة هجومين للمعارضة المسلحة يهدفان إلى السيطرة على اثنتين أخريين هما حلب ودرعا. وإلى حد بعيد تعايشت "وحدات حماية الشعب" وحكومة الأسد في المناطق التي تسكنها أغلبية كردية من سورية، إذ ظهرت إدارة كردية منذ أن بدأت الانتفاضة ضد الأسد في العام 2011. ولا يزال الجانبان يتقاسمان السيطرة على مدينة القامشلي إلى الشمال من الحسكة حيث تسيطر قوات الأسد على مطار هناك، وذلك على رغم اندلاع توترات خلال الأشهر القليلة الماضية. وتنفي "وحدات حماية الشعب" مزاعم بأنها تتعاون مع قوات النظام. والحسكة مهمة في المعركة مع "داعش" لأنها تجاور مناطق يسيطر عليها التنظيم في العراق. وأثار تزايد نفوذ الأكراد في شمال سورية قلق تركيا التي تخشى تصاعد المشاعر الانفصالية بين الأقلية الكردية من سكانها. وكانت "وحدات حماية الشعب" انتزعت السيطرة على مناطق واسعة من "داعش" هذا العام بدعم من ضربات جوية تقودها الولاياتالمتحدة ومنها بلدة تل أبيض عند الحدود مع تركيا. وقال مدير "المرصد السوري" رامي عبدالرحمن إن "وحدات حماية الشعب تتقدم على حساب الحكومة وداعش في الحسكة، ودور الجيش يقتصر على القصف الجوي والهجمات بالمدفعية البعيدة المدى". وأوضح أن "الهجوم القادم (ضد داعش في الحسكة) سيكون من جانب وحدات حماية الشعب". وتقول "وحدات حماية الشعب" إن "داعش" استخدم الغاز السام في أكثر من مرة ضد مناطق تسيطر عليها الوحدات في أواخر حزيران الماضي إحداها في مدينة الحسكة.