اتخذت ازمة حظر مشاركة مئات المرشحين للانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة ابعاداً جديدة تنذر بخلاف بين رئاستي الجمهورية والوزراء، فبعد ساعات من تصريحات رئيس الجمهورية جلال طالباني التي شكك فيها بشرعية هيئة «المساءلة والعدالة»، اعتبر رئيس الوزراء نوري المالكي، إجراءات هذه الهيئة «غير كافية لابعاد البعثيين عن العملية السياسية»، فيما تنتظر الأزمة حلاً اميركياً خلال زيارة متوقعة لنائب الرئيس الاميركي جو بايدن البغداد اليوم. واعتبر المالكي قرارات الهيئة استبعاد اكثر من 500 مرشح من الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤوها في 7 آذار (مارس) المقبل «غير كافية لابعاد البعثيين عن العملية السياسية». وقال المالكي امام مؤتمر عشائري لقبائل بن ركاب إن «قرارات هيئة المساءلة والعدالة ليست كافية لإبعاد من أساء للشعب العراقي خلال الفترة الماضية، بل الشعب هو من سيقول كلمته في الانتخابات المقبلة لاختيار من يمثله في مواقع المسؤولية من الذين يؤمنون بالدستور». وأشار الى أن «الوصول الى مواقع المسؤولية يكون بالصدق والإخلاص وليس بالمزايدات السياسية»، محذراً من «استخدام الإعلام المضلل لتزييف الحقائق». وجاءت هذه التصريحات بعد ساعات من تصريحات طالباني الذي شكك بشرعية هيئة «المساءلة والعدالة»، ما ينذر بأزمة بين رئاسة الجمهورية التي تضم ايضاً نائبي الرئيس عادل عبدالمهدي (شيعي) وطارق الهاشمي (سني) ورئاسة الوزراء، في انتظار مبادرة اميركية يفترض أن يطرحها بايدن. وتوقعت مصادر سياسية عراقية وصول بايدن الى بغداد اليوم في مهمة اعتبرت «عاجلة» للضغط على العراقيين، خصوصاً أنه اقترح تأجيل البت بالمحظورين الى ما بعد الانتخابات مع اجبارهم على كتابة تعهدات بالتبرؤ من البعث. ودعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان القيادي في «المجلس الأعلى» همام حمودي الى «إبعاد اجراءات المفوضية عن التسييس وعدم تجاوز مشاعر الملايين من الشعب المكتوي بنار البعث مقابل ارضاء الأطراف الأخرى»، في اشارة الى الضغوط الأميركية لإلغاء او تحجيم قرارات ابعاد البعثيين. وأوضح بيان صادر من مكتب حمودي امس، حصلت «الحياة» على نسخة منه انه «ابلغ السفير الاميركي في بغداد ان العراقيين حساسون جداً للتدخل الخارجي في قضاياهم الوطنية». وأعرب خلال اللقاء عن «استغرابه للدعوات التي تؤازر البعثيين وتتناسى الجرح العراقي الذي لم يلتئم جراء جرائم البعث». وأشار البيان الى ان السفير الاميركي اكد ان «الولاياتالمتحدة لا تريد عودة البعث مطلقاً، وانها مع تطبيق قانون اجتثاث البعث بكل شفافية وقانونية». واعتبر النائب عبدالكريم العنزي، الأمين العام لحزب «الدعوة الاسلامية - تنظيم الداخل»، امس تدخل الاميركيين في الشأن العراقي «غير مقبول لانه يمس بالسيادة العراقية ويعكر العلاقات بين البلدين». لكن النائب المنشق عن قائمة اياد علاوي زعيم «حركة تجمع الاحرار حالياً» اياد جمال الدين اكد ان «شمول 20 مرشحاً من قائمة حزبه بقرار الاستبعاد استخدام للقانون في التصفيات السياسية». وتساءل «ماذا يقصد بالاختراق البعثي؟ (...) العراقيون جميعاً يعرفون ان البعث حكم العراق 35 سنة وهو حزب شمولي لم يسمح لطالب او عامل او موظف العمل او ممارسة حياته من دون ان ينضم الى الحزب». الى ذلك، أعلنت عضو مجلس مفوضية الانتخابات حمدية الحسيني امس ان المفوضية تسلمت اسماء 75 مرشحاً من وزارة التربية زوروا وثائقهم المدرسية. وذكر مصدر أمني مطلع انه «تم العثور على اكثر من 283 قيداً جنائياً بحق مرشحين الى الانتخابات حتى الآن موزعة بين قتل عمد او خطف وسرقات واغتصاب ولواط وبغاء». وقال: «وجدنا 4 سجلات جنائية لأربع مرشحات حكمن بالمادة 4 بغاء من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969». يذكر أن هيئة «المساءلة والعدالة» قدمت إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الاثنين الماضي، القائمة النهائية للمشمولين بقرارات حظر المشاركة في الانتخابات المقبلة وتتضمن 512 اسماً بعد تدقيق اللجان البرلمانية التي شكلها مجلس النواب في قراراتها. إلى ذلك، طالبت الحكومة المرشحين الممنوعين من خوض الانتخابات ب «اعلان تبرئهم وادانتهم لجرائم» النظام السابق. ونقل بيان عن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ قوله: «على البعثيين الذين وردت اسماؤهم في قائمة هيئة المساءلة والعدالة ان يعلنوا براءتهم وادانتهم لجرائم وآثام نظام صدام حسين وحزب البعث الصدامي». وأضاف ان «هذه البراءة ستكون فرصة لهم لممارسة حياتهم الطبيعية والاندماج في المجتمع»، موضحاً ان «مسألة استبعادهم من المشاركة في الانتخابات يحكمها الدستور والقوانين المرعية النافذة والناظمة لعمل الهيئة». وختم ان عمل الهيئة «قضية عراقية داخلية يتم التفاهم عليها بين الكتل والقوى السياسية». لكنه لم يوضح ما اذا كان اعلان االتبرؤ وادانة النظام السابق سيسمح للمرشحين بخوض الانتخابات.