أكد رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون أمس عزم باريس على مواكبة الحكومة اللبنانية، وذلك بعدما اجرى محادثات مع رئيسها سعد الحريري الذي يزور باريس حاليا. فيما توقعت مصادر مطلعة في بيروت أن يزور رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان موسكو أواخر شهر شباط المقبل لإجراء محادثات حول أوضاع المنطقة والمساعدات العسكرية للبنان. وقال فيون للحريري، في مؤتمر صحافي مشترك، إن في إمكانه الاعتماد على الدعم الفرنسي لإتمام ورش الإصلاحات الداخلية، وتعزيز الاستقرار والوحدة والسيادة اللبنانية. ووصف الحريري محادثاته مع نظيره الفرنسي بأنها «ممتازة»، مشيراً الى أن فرنسا «تتابع تطور العلاقات بين لبنان وسورية على أساس احترام سيادة كلا البلدين واستقرارهما». وإذ أعلن فيون أنه سيزور سورية في شباط (فبراير) المقبل، فإن الحريري أوضح أن إعادة بناء العلاقات (مع سورية) «ستستغرق بعض الوقت بمساعدة الأصدقاء مثل فرنسا وغيرها من الدول... وفتحنا الطريق لتصحيح هذه العلاقات». وفيما رعى الحريري وفيون توقيع 6 اتفاقات بين البلدين من قبل الوزراء والمسؤولين المختصين فيهما في مقر رئاسة الوزراء الفرنسية تواصلت في بيروت أمس ردود الفعل على تصريحات «ابو موسى» أمين سر حركة «فتح – الانتفاضة» الذي تحفظ عن طرح البند المتعلق بإنهاء الوجود الفلسطيني المسلح خارج المخيمات في مؤتمر الحوار الوطني ثم دعا الى الحوار في شأنه. وبينما أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه «عندما يجمع اللبنانيون على موضوع معين فلا يجوز لأبي موسى ولا لأحد على الإطلاق أن يقفز فوق هذا الكلام وهذا الكلام مستنكر ومرفوض»، اتفق الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله مع أبو موسى على «معالجة كل الملفات بما فيها السلاح خارج المخيمات عبر الحوار». واعتبر بيان ل «حزب الله» بعد اجتماع نصرالله مع «أبو موسى» أن هذا الحوار «مسؤولية الحكومة اللبنانية في الدرجة الأولى». وكان فيون أكد للحريري التزام فرنسا المالي الى جانب لبنان والذي اتفق في شأنه عام 2007 (باريس – 3) معتبراً أن المهم أن تستخدم هذه المساعدة في إطار الإصلاحات التي تعهدتها الحكومة اللبنانية. ولم يستبعد فيون احتمال مناقشة وتيرة هذه الإصلاحات ومضمونها. وذكر فيون أن الحريري طلب من فرنسا المساعدة على تحديث الجيش اللبناني، وأنهما تناولا التعاون الثنائي في مجلس الأمن. ولفت الى أهمية استكمال تنفيذ قرارات مجلس الأمن على الأرض اللبنانية، خصوصاً القرار 1701، وأن فرنسا تبقى ملتزمة تنفيذ كل بنوده من قبل جميع الأطراف المعنيين في إسرائيل وفي لبنان، مشيراً الى أن القرار 1701 يبقى قراراً غير قابل للتجاوز. وقال فيون إنه كرر للحريري دعم فرنسا المحكمة الخاصة بلبنان وأن هذه المحكمة ينبغي أن تستمر بعملها باستقلالية من أجل العدالة وعدم الإفلات من العقاب. ورأى أن التطبيع بين لبنان وسورية، لمصلحة المنطقة وأن هذا التطبيع ينبغي أن يتقدَّم في ملفات مثل ترسيم الحدود والأمن والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. وأكد الحريري، من جهته، التزام حكومته الإصلاحات وأن هذا الالتزام بالغ المتانة، خصوصاً أنه «موضع إجماع في إطار حكومة الوحدة الوطنية». وقال إنه أكد لفيون التزام حكومته الكامل تنفيذ القرار 1701 وأن هذا يتطلب تعزيز الجيش اللبناني، آملاً بأن تلعب فرنسا دوراً في هذا الإطار. وتخللت المؤتمر الصحافي لفيون والحريري أجواء من المرح والود، فقال الحريري رداً على سؤال وجه إليه بالعربية أنه سيجيب بالفرنسية لعل الرئيس فيون يجيب بدوره بالعربية. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة أن لبنان طلب من فرنسا تزويد طوافات الجيش اللبناني بصواريخ، وأن المسؤولين السياسيين أبدوا استعدادهم المبدئي لذلك، إلا أن هناك بعض التحفظ عن الأمر من قبل قيادات عسكرية فرنسية تتخوف من أن تقع هذه الصواريخ في أيدي «حزب الله» وأن تستخدم في حرب ضد إسرائيل. وكان الحريري التقى صباحاً وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي تخوف من خطوات إيرانية للهروب الى الأمام. وقال إن هذه المخاوف لا يمكن التغاضي عنها كي لا تحصل أي مواجهات، مشيراً الى أنه أثار الموضوع مع الحريري الذي يختلف معه حول تقويمه الملف الإيراني. ورداً على سؤال عن الضمانات للحؤول دون عدوان إسرائيلي على لبنان قال كوشنير: «الضمانات تعطيها إسرائيل. وسنثير معهم هذا الموضوع». وسبق الغداء الذي أقامه فيون على شرف الحريري والوفد المرافق له في مقر رئاسة الحكومة الفرنسية لقاء منفرد بين رئيسي الحكومتين اللبنانية والفرنسية. وزار الحريري أمس قوات التدخل الخاص الفرنسية لمكافحة الإرهاب، وأقام رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه مأدبة عشاء على شرفه. وكان الرئيس بري كرر أمس في لقاء مع نقابة المحررين دفاعه عن طرحه ضرورة تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية باعتباره نصاً دستورياً. ورد على المطالبين بإلغائها من النفوس قبل النصوص بالقول: «هذه الهيئة ليس لديها أي عمل على الإطلاق ولا تمون على شيء إلا أن تعدّ النفوس وإذا كنت تريد أن تعد النفوس عليك أن تؤسس هذه الهيئة». كما رد على منتقدي توقيت طرحه فسماهم جماعة «بيغ بن» الذين «لم يطلع منهم إلا الرجوع الى الوراء». وعلّق زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على طرح بري بالقول أنا مؤسس إلغاء الطائفية السياسية لكنها ليست في وقتها الآن ويجب تهيئة الظروف لها. واعتبر أن إلغاء الطائفية تغيير للنظام في لبنان.