طموحات بوتين ورؤيته للدور المستقبلي لروسيا تستعجل صعود بلاده في مواجهة الآحادية الامريكية. بما يبرز بوتين كاحد الاهداف الرئيسية للمخابرات الامريكية في العالم. وهو ما تثبته مراجعة مواقف بوتين وسياساته اذ هدد بوتين بقصف بولندا بالسلاح النووي ان هي استضافت قاعدة الدرع الصاروخي الامريكي بما عادل الاستعداد لاعلان الحرب على الولاياتالمتحدة. لذلك عمدت واشنطن في مرحلة اولى الى تبني الليبيرالي ميدفيديف ومحاولة تكريسه نموذجاً للرئيس الروسي المرتجى امريكياً. ومعروفة محاولات الرئيس اوباما تجنب لقاء بوتين خلال زيارته لموسكو لكن بوتين فرض نفسه وأثبت لاوباما ان زيارة اوباما لموسكو تمر بلقائه .الا ان الادارة الامريكية،وفقا للمركز العربي للدراسات المستقبلية، تجاهلت تماماً رؤية بوتين للمصالح الروسية وتخطتها بلامبالاة استتبعت الفيتو الروسي الاخير في مجلس الامن. اذ تابعت واشنطن نشر درعها الصاروخي في الجوار الروسي القريب مع مواصلة دعم الجوار الروسي المعادي مثل جورجيا وتترستان والتدخل الامريكي الصريح في الحديقة الروسية الخلفية. مع ملاحقة امريكية حثيثة للمصالح الروسية في العالم. حيث يسجل اغتيال ضابط روسي كبير في طرطوس كما تسجل عمليات مشابهة تتقاطع عند هدف خنق النفوذ الروسي المتجدد بطموح وراثة الاصدقاء الخارجيين للاتحاد السوفياتي السابق. وكانت علاقات روسيا مع سوريا ومصر خصوصاً موضوع تحفظ امريكي تجلى بمواقف امريكية ضاغطة على البلدين وعلى غيرهما من البلاد المتعاونة مع روسيا بوتين مثل الجزائر وفي المقابل حاولت واشنطن استبدال الرؤى الاستراتيجية البوتينية بصفقات تكتيكية عابرة .أمريكا التي ورثت عن بوش ادمان عداء الاشخاص بديلاً لفقد العدو الاستراتيجي دخلت في عداء مع شخص بوتين. وفي سياق هذا الاستهداف الشخصي عمدت المخابرات الامريكية الى تمويل معارضة بوتين في الداخل الروسي مستغلة الانتخابات الاخيرة مشككة في نزاهتها دافعة التظاهرات المحتجة على الانتخابات للنزول الى الشارع الروسي في مشهد يكرر تظاهرات الاحتجاج على الانتخابات الايرانية ولكن في اجواء الربيع العربي الذي استوعبته واشنطن بهدف توسيعه عالمياً في مرحلة لاحقة.في الحالة الليبية نجحت واشنطن في استخدام نفوذها وسيطرتها على المنظمة الاممية لخداع روسيا اذ فسرت واشنطن قرار مجلس الامن على انه استباحة ليبيا وضوء اخضر باسقاط مئة الف قتيل ليبي مدني في الغارات الاطلسية على ليبيا دون ان تسمح باي تحقيق يتناول ضحايا تلك الغارات ودون ان تسمح للاعلام بتداول التسريبات حولها. هذا الخداع الامريكي كان الدافع الرئيس لروسيا كي تتجه نحو المواجهة مع واشنطن وصولا الى الفيتو الاخير ضد القرار بشأن سوريا. الامر الذي يطرح السؤال حول التعامل الامريكي مع روسيا عقب ذلك الفيتو؟. ردود الفعل الامريكية على الموقف الروسي تشير الى نقل ساحة المواجهة من المنظمات الدولية الى استخدام نقاط القوة والتفوق المتاحة ضد روسيا . حملة التشكيك هذه اطلقتها واشنطن استباقياً مع الحملة ضد الفيتو الروسي التي ركزت على شخص فلاديمير بوتين حيث أكدت مجلة “فورين بوليسي” تعليقًا على المظاهرات الروسية ضد بوتن أنه قد انتهى وقد خسر البلاد. وكرر بعض قادة المعارضة الروسية الايحاءات الامريكية القائلة بأن مخاوف رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتن من السقوط، قد دفعت بلاده لاستخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن الأخير والخاص بالشأن السوري. وأشار هؤلاء في السياق إلى السقوط المتتالي للحكام الديكتاتوريين في العالم، مثلما حدث من قبل مع القذافي في ليبيا ومبارك في مصر وابن علي في تونس. وأبرزت قناة “سي بي سي” الكندية في تقرير لها التصريحات التي أدلى بها “بوريس نيمتزوف” والتي أكد فيها أن الفيتو الروسي قد جاء لحماية بوتن، الذي يشعر باقتراب نهايته بعد سقوط عدد من الحكام الديكتاتوريين. وحذر المعارض الروسي من أن الفيتو الأخير الذي استخدمته بلاده ضد القرار الأممي في الشأن السوري، قد يؤدي إلى حالة من الخصومة بين روسيا من ناحية وعدد من دول منطقة الشرق الأوسط من ناحية أخرى. وأكد “نيمتزوف” أن القرار لا يعكس استراتيجية محددة تتبناها حكومة بلاده حول الشأن السوري، ولكن جاء فقط لحماية مستقبل رئيس الوزراء الروسي فيلاديمير بوتن. ختاما يرى خبراء في الشأن الروسي ان تاريخ بوتين الاستخباري كرئيس سابق للكي جي بي تضعه خارج دائرة الاستهداف الامريكي حيث استدرج بوتين الولاياتالمتحدة الى الساحة السورية الاقدر على مواجهة النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط. وبالمعطيات الميدانية فان واشنطن عاجزة عن المواجهة في تلك الساحة ليبقى لها التراجع نحو تسوية او الانزلاق الى العمليات الاستخبارية القذرة. وهي حرب خفية يصعب على واشنطن كسبها في ظل قدرات سوريا واصدقائها في هذا المجال.