تسلم معالي أمين محافظة جدة المهندس عادل بن محمد فقيه تقريراً مفصلاً حول مشاركة وفد الأمانة في مؤتمر " المستجدات العالمية لمكافحة حمى الضنك " الذي انعقد فى مدينة " فوكيت " بتايلاند فى الفترة من 15إلى 17 شوال الحالي . ضم الوفد كلاً من المهندس خالد بن فضل عقيل وكيل الأمين للخدمات والدكتور أحمد نبيل أبو خطوة أستاذ السموم بجامعة الملك عبد العزيز ومستشار الأمين، كما شارك إلى جانب وفد الأمانة وفد من وزارة الصحة ممثلة فى المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكةالمكرمة برئاسة الدكتور خالد ظفر والدكتور سامى باداوود والدكتورة نعيمة اكثر . شارك فى المؤتمر 400 باحث ومسؤول من أكثر من 100 دولة، طرحوا خلاله أبحاثهم ودراساتهم عن مرض حمى الضنك النزفية، وفق جميع المستجدات وسبل مكافحة البعوض الناقل لفيروس المرض والصعوبات الاجتماعية والسلوكية التى تقف عائقاً ضد استئصال المرض الذي بات يهدد نحو ملياري نسمة على مستوى العالم، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، إذ كشف مندوبها خلال المؤتمر أن هناك نحو 100 مليون إصابة بحمى الضنك سنوياً تضرب نحو 124 دولة فى العالم ولاسيما بلدان جنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية وأفريقيا والأمريكيتين ولاسيما أمريكا الجنوبية . أظهرت نتائج الأوراق العلمية التي قدمتها الوفود المشاركة فى هذا التجمع العالمى ومنها ثلاث ورقات علمية قدمتها أمانة محافظة جدة ووزارة الصحة السعودية أن هناك مشاكل تكاد تكون متماثلة فى معظم البلدان التي ضربها وباء الإصابة بحمى الضنك والتى تنبع في الأساس من عادات وسلوكيات المواطنين أنفسهم والتركيبة الاجتماعية التى تختلف من دولة لأخرى . وأرجع المشاركون فى المؤتمر أسباب انتشار المرض بالشكل المتسارع الذي يشهده العالم اليوم إلى ثلاثة عوامل أساسية هي : التغيرات الديموغرافية التي طرأت على التركيبة السكانية . النزوح إلى المدن الحضرية وزيادة الكثافة السكانية بها . الزيادة الهائلة فى معدلات السفر وسرعة الانتقال من مكان إلى آخر، حيث أكدت تقديرات داخل المؤتمر أن العام الماضي شهد انتقال ملياري شخص بالطائرات عبر العالم، بالإضافة إلى الأعداد الهائلة الأخرى التي تنتقل عبر البحر والبر وعلى سبيل المثال يشهد مطار سنغافورة حركة انتقال تقدر بنحو 300 ألف شخص يومياً . وأضافت الأبحاث أن من ضمن أسباب انتشار المرض بأعداد كبيرة ضعف وعدم كفاءة الأساليب المتبعة حالياً فى مكافحة البعوض، حيث إنها تعتمد غالباً على استخدام المبيدات الحشرية التى أصبحت منخفضة الفاعلية بسبب مقاومة البعوض لها لكثرة استخدامها إضافة إلى المشاكل الصحية والبيئية الناجمة عنها . و أكدت أمانة محافظة جدة في أوراقها العلمية على ضرورة مواجهة حمى الضنك بأسلوب علمي متمثل فيما يعرف باسم المكافحة الشاملة للبعوض الناقل لحمى الضنك من خلال الأساليب التقليدية مثل المكافحة بالمبيدات الكيميائية والتي تستخدم حين تكون حلا لابد منه , وبأقل درجة ممكنة , بالإضافة إلى ردم المستنقعات وتغطية خزانات المياه داخل المنازل وخارجها إضافة إلى استخدام كافة الأساليب الممكنة غير التقليدية . وأشارت أمانة محافظة جدة أنها ابتكرت أسلوبين جديدين للتعامل مع العشوائيات التى لا تصلها مياه الشرب بصفة مستمرة فيضطر السكان إلى تخزين المياه فى " جوالين " غير محكمة الغلق ما يؤدي إلى تكاثر البعوض كما يزيد من نسبة التكاثر وجود النوافذ المفتوحة أو شبه المفتوحة التي يتسلل منها البعوض إلى داخل المنازل، إذ قدمت إلى سكان هذه الأحياء أكثر من 5آلاف عبوة " برميل9 "" لحفظ المياه محكم الغلق " بدلاً من البراميل الأخرى المكشوفة التى تساعد على تكاثر البعوض . كما أن هناك حملات توعية تقوم بها الأمانة بالتعاون مع وزارة الصحة تهدف إلى توعية المواطنين بأضرار البعوض وكيفية تجنب الإصابة بحمى الضنك ،كما تم ترجمة نشرات التوعية إلى 5 لغات مختلفة منها الإنجليزية والمالاوية والهندية والبنغالية والإندونيسية وخلال المؤتمر أوضحت منظمة الصحة العالمية أن السيطرة على المرض يمكن أن تتم بنجاح إذا اتبعت الدول المتضررة عدة أساليب من أهمها : تحسين عمليات رصد وتشخيص الإصابات باستخدام الأساليب الحديثة في تقنية المعلومات والفحوصات الإكلينيكية والمخبرية الجديدة . ضرورة إجراء عمليات مسح ميدانية لمعرفة مدى خطورة إصابة الأشخاص ودرجة الإصابة بالمرض خاصة أن ما يقارب ٪ 60 من الاشخاص الذين يتعرضون للإصابة بالفيروس قد لا تظهر عليهم أعراض واضحة تستدعي العلاج وهم ما يعرفون باسم " المصابون الساكتون " ومع ذلك تبقى فى دمائهم بصمة مميزة يمكن الكشف عنها . ومن المعروف أن الفيروس له 4 أنماط باسم " دن - 1إلى دن - " 4 وأن إصابة الفرد بالفيروس من النمط دن - 1 تجعله منيعا طوال حياته ضد الإصابة لكن إذا أصيب فى المرة الثانية بفيروس دن - 2 فإن الأعراض قد تظهر عليه مرة أخرى وقد تكون أشد وطأة وتنتج عنها الوفاة . وأكدت الدراسات أن المرض ينتشر فى دول العالم التى تتواجد بها الأنماط الأربعة من الفيروسات ومنها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية حيث أشار د . عصام أزهر مدير مختبر الفيروسات بمركز الملك فهد بجامعة الملك عبدالعزيز أن فريق العمل معه اكتشف حديثاً النمط الرابع للفيروس فى عينة دم أحد المصابين . وناشد مندوبو الوفود المشاركة المجتمع الدولى ضرورة تطوير الأساليب المتبعة الحالية في مكافحة الحمى وإتباع أساليب جديدة للمكافحة على أن يكون استخدام المبيدات هو الحل الأخير منعاً لتفاقم مشكلات المناعة التى يكتسبها البعوض من تكرار استخدام هذه المبيدات علاوة على مشكلات الإضرار بالبيئة والصحة العامة والاهتمام بالقضاء على بؤر البعوض المائية والحد من أعدادها بالردم أو استخدام الأساليب الجديدة فى المكافحة البيولوجية . و أشار الباحثون إلى التجربة الناجحة فى فيتنام وكمبوديا باستخدام خنافس مائية صغيرة تسمى " ميزوسيكلوبس " للقضاء على اليرقات التي تعيش داخل أواني وجوالين حفظ المياه وداخل البيوت التى لا تصلها المياه الجارية فى الصنبور . كما تم عرض بعض الأساليب الوراثية الجديدة فى المكافحة لفريقين من بريطانيا وأمريكا اعتمدت على تعديل الجهاز الوراثي للبعوض بطرق اصطناعية بحتة للحد من كثافة البعوض أو لجعله غير قادر على نقل الفيروس من الشخص المصاب الى الشخص السليم . جدير بالذكر أن أمانة جدة كانت قد اهتمت بهذه الأساليب منذ فترة طويلة ودعت خبراء من شركة " اوكسى تيك " البريطانية عام 2006 لمناقشة سبل التعاون فى تفعيل هذا المشروع .